وقوله :﴿ والجروح قصاص ﴾ يقتضي إِيجاب القصاص في سائِر الجراحات التي يمكن استيفاء المثل فيها.
قوله تعالى :﴿ فمن تصدّق به ﴾ يشير إِلى القصاص.
﴿ فهو كفّارة له ﴾ في هاء "له" قولان.
أحدهما : أنها إِشارة إِلى المجروح، فاذا تصدّق بالقصاص كفّر من ذنوبه، وهو قول ابن مسعود، وعبد الله بن عمرو بن العاص، والحسن، والشعبي.
والثاني : إِشارة إِلى الجارح إِذا عفا عنه المجروح، كفر عنه ما جنى، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، ومقاتل، وهو محمول على أن الجاني تاب من جنايته، لأنه إِذا كان مُصرّاً فعقوبة الإِصرار باقية. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
ومن فوائد أبى حيان فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسنّ بالسنّ والجروح قصاص ﴾ مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى بين في التوراة أن حكم الزاني المحصن الرجم، وغيره اليهود، وبين هنا أنّ في التوراة : أن النفس بالنفس وغيره اليهود أيضاً، ففضلوا بني النضير على بني قريظة، وخصوا إيجاب القود على بني قريظة دون بني النضير.
ومعنى وكتبنا : فرضنا.
وقيل : قلنا والكتابة بمعنى القول ويجوز أن يراد الكتابة حقيقة، وهي الكتابة في الألواح، لأن التوراة مكتوبة في الألواح، والضمير في فيها عائد على التوراة، وفي : عليهم، على الذين هادوا.
وقرأ نافع، وحمزة، وعاصم : بنصب، والعين وما بعدها من المعاطيف على التشريك في عمل أنّ النصب، وخبر أنّ هو المجرور، وخبر والجروح قصاص.
وقدَّر أبو عليّ العامل في المجرور مأخوذ بالنفس إلى آخر المجرورات، وقدره الزمخشري أولاً : مأخوذة بالنفس مقتولة بها إذا قتلها بغير حق، وكذلك العين مفقوأة بالعين، والأنف مجدوع بالأنف، والأذن مأخوذة مقطوعة بالأذن، والسن مقلوعة بالسن.


الصفحة التالية
Icon