والثاني : قالوا : الأصل في قولنا : آمن يؤمن فهو مؤمن، أأمن يؤامن فهو مؤامن بهمزتين، ثم قلبت الأولى هاء كما في : هرقت وأرقت، وهياك وإياك، وقلبت الثانية ياء فصار مهيمناً فلهذا قال المفسرون ﴿وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ﴾ أي أميناً على الكتب التي قبله. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١١﴾
وقال الثعلبى :
﴿ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ﴾ أي شاهداً. قاله السدّي والكسائي : وهي رواية الوالبي عن ابن عباس، قال حسان :
إن الكتاب مهيمن لنبينا | والحق يعرفه ذووالألباب |
وقال سعيد بن جبير وأبو عبيدة : مؤمناً وهي رواية أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس، الحسن : أميناً وهي رواية العوفي عن ابن عباس ومعنى أمانة القرآن ما قال ابن جريح : القرآن أمين على ما قبله من الكتب فيما أخبر أهل الكتاب في كتابهم بأمر فإن كان في القرآن فصدّقوا وإلاّ فكذبّوا، المبرد : أصله مؤيمن فقلبت الهمزة هاء كما قيل : أرقت الماء وهرقت، ولمّا ينثر عن الرأس عند الدلك أبرية وهبرية ونهاة وهيهات. وأتاك وهياك فهو مبني آمن أمين كما بيطر ومبيطر من بيطار.
قال النابغة :
شكّ المبيطر إذ شفا من العضد... وقال الضحّاك : ماضياً، عكرمة : دالاً عليه، ابن زيد مصدّقاً، الخليل : رقيباً وحافظاً، يقال : هيمن فلان على كذا إذا شاهده وحفظه.
قلت : سمعت أبا القاسم الحبيبي يقول : سمعت المنصور بن محمد بن أحمد بن منصور البستي يقول : سمعت أبا عمر محمد بن عبد الواحد اللغوي يقول : تقول العرب : الطائر إذا جعل يطير حول وَكرهِ وخاف على فرخه صيانة له، هيمن الطائر مهيمن. وكذلك يقول للطائر إذا أرخى جناحيه فألبسهما بيضه وفرخه مهيمن. وكذلك جعل اختباؤه ومنه قيل : اللّه تعالى المهيمن كان معناه الرقيب الرحيم. قال : ورأيت في بعض الكتب إنها بلغة العجمانية فعرّبت، وقرأ عكرمة : هيمن ومهيمن. بقولهم الملوك. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
وقال القرطبى :