﴿ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ﴾ أي عالياً عليها ومرتفعاً.
وهذا يدل على تأويل من يقول بالتفضيل أي في كثرة الثواب، على ما تقدّمت إليه الإشارة في "الفاتحة" وهو اختيار ابن الحصّار في كتاب شرح السنة له.
وقد ذكرنا ما ذكره في كتابنا في شرح الأسماء الحسنى والحمد لله.
وقال قَتَادة : المهيمِن معناه الشاهد.
وقيل : الحافظ.
وقال الحسن : المصدّق ؛ ومنه قول الشاعر :
إن الكتاب مُهيمِن لنبيّنا...
والحق يعرفه ذوو الألباب
وقال ابن عباس :"وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ" أي مؤتمناً عليه.
قال سعيد بن جُبَير : القرآن مؤتمَن على ما قبله من الكتب.
وعن ابن عباس والحسن أيضاً : المهيمن الأمين. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
فائدة
قال الفخر :
إنما كان القرآن مهيمناً على الكتب لأنه الكتاب الذي لا يصير مسنوخاً ألبتة، ولا يتطرق إليه البتديل والتحريف على ما قال تعالى :﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون﴾ [ الحجر : ٩ ] وإذا كان كذلك كانت شهادة القرآن على أن التوراة والإنجيل والزبور حق صدق باقية أبداً، فكانت حقيقة هذه الكتب معلومة أبداً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١١﴾
قوله تعالى ﴿ فاحكم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ الله﴾
قال الفخر :
﴿فاحكم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ الله﴾ يعني فاحكم بين اليهود بالقرآن والوحي الذي نزله الله تعالى عليك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١١﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فاحكم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ الله ﴾ يوجِب الحكم ؛ فقيل : هذا نسخ للتخيير في قوله :﴿ فاحكم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ﴾ [ المائدة : ٤٢ ] وقيل : ليس هذا وجوباً، والمعنى : فاحكم بينهم إن شئت ؛ إذ لا يجب علينا الحكم بينهم إذا لم يكونوا من أهل الذّمة.
وفي أهل الذّمة تردّد وقد مضى الكلام فيه.
وقيل : أراد فاحكم بين الخلق ؛ فهذا كان واجباً عليه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾