ولما كان حسن الحكم تابعاً لإتقانه، وكان إتقانه دائراً على صفات الكمال من تمام العلم وشمول القدرة وغير ذلك، قال - معلماً أن حكمه أحسن الحكم عاطفاً على ما تقديره : فمن أضل منهم :﴿ومن﴾ ويجوز أن تكون الجملة حالاً من واو يبغون، أي يريدون ذلك والحال أنه يقال : من ﴿أحسن من الله﴾ أي المستجمع لصفات الكمال ﴿حكماً﴾ ثم زاد في تقريعهم بكثافة الطباع وجمود الأذهان ووقوف الأفهام بقوله معبراً بلام البيان إشارة إلى المعنى بهذا الخطاب :﴿لقوم﴾ أي فيهم نهضة وقوة محاولة لما يريدونه ﴿يوقنون﴾ أي يوجد منهم اليقين يوماً ما وأما غيرهم فليس بأهل الخطاب فكيف بالعتاب! إنما عتابه شديد العقاب، وفي ذلك أيضاً غاية التبكيت لهم والتقبيح عليهم من حيث إنهم لم يزالوا يصفون أهل الجاهلية بالضلال، وأن دينهم لم ينزل الله به من سلطان، وقد عدلوا في هذه الأحكام إليه تاركين جميع ما أنزل الله من كتابهم والكتاب الناسخ له، فقد ارتكبوا الضلال بلا شبهة على علم، وتركوا الحق المجمع عليه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٤٧٩﴾

فصل


قال الفخر :
قرأ ابن عامر ﴿تبغون﴾ بالتاء على الخطاب، والباقون بالياء على المغايبة، وقرأ المسلمي ﴿لفاسقون أَفَحُكْمَ الجاهلية﴾ برفع الحكم على الابتداء، وإيقاع ﴿يَبْغُونَ﴾ خبراً وإسقاط الراجع عنه لظهوره، وقرأ قتادة ﴿أبحكم الجاهلية﴾ والمراد أن هذا الحكم الذي يبغونه إنما يحكم به حكام بالجاهلية، فأرادوا بشهيتهم أن يكون محمد خاتم النبيّيين حكماً كأولئك الحكام. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٤﴾

فصل


قال الفخر :
في الآية وجهان :


الصفحة التالية
Icon