لطيفة
قال فى البحر المديد :
الإشارة : اعلم أن نبينا عليه الصلاة والسلام جمع الله له ما افترق في غيره، فذاته الشريفة جمعت المحاسن كلها ظاهرة وباطنة، وكتابُه جمع ما في الكتب كلها فهو شاهد عليها، وشريعته جمعت الشرائع كلها، ولذلك كان الولي المحمدي هو أعظم الأولياء.
واعلم أن الحق جل جلاله جعل لكل عصر تربية مخصوصة بحسب ما يناسب ذلك، العصر، كما جعل لكل أمة شرعة ومنهاجًا بحسب الحكمة، فمن سلك بالمريدين تربية واحدة، وأراد أن يسيرهم على تربية المتقدمين، فهو جاهل بسلوك الطريق، فلو كان السلوك على نمط واحد ما جدد الله الرسل بتجديد الأزمنة والأعصار، فكل نبي وولي يبعثه الله تعالى بخرق عوائد زمانه، وهي مختلفة جدَا، فتارة يغلب على الناس التحاسد والتباغض، فيبعث بإصلاح ذات البين والتآلف والتودد، وتارة يغلب حب الرياسة والجاه فيربى بالخمول وإسقاط المنزلة، وتارة يغلب حب الدنيا وجمعها فيربى بالزهد فيها والتجريد والانقطاع إلى الله. وهكذا فليقس ما لم يقل. والله تعالى أعلم. أ هـ ﴿البحر المديد حـ ٢ صـ ٤٧﴾