﴿ ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ﴾ أي ولو شاء الله أن يجعلكم أمة واحدة لجعلكموها أي جماعة متفقة على شريعة واحدة في الضلال.
وقيل لجعلكم أمة واحدة على الحق.
﴿ ولكن ليبلوكم فيما آتاكم ﴾ أي : ولكن لم يشأ ذلك ليختبركم فيما آتاكم من الكتب.
وقال الزمخشري : من الشرائع المختلفة، هل تعلمون بها مذعنين معتقدين أنها مصالح قد اختلفت على حسب الأحوال والأوقات، معترفين بأن الله تعالى لم يقصد باختلافها إلا ما اقتضته الحكمة، أم تتبعون الشبه وتفرطون في العمل انتهى؟ وقال ابن جريج وغيره : ولكنه لم يشأ، لأنه أراد اختبارهم وابتلاءهم فيما آتاهم من الكتب والشرائع، فليس لهم إلا أن يجدوا في امتثال الأوامر.
﴿ فاستبقوا الخيرات ﴾ أي ابتدروا الأعمال الصالحة قاله : مقاتل.
وهي التي عاقبتها أحسن الأشياء.
وقال ابن عباس والضحاك : الخيرات الإيمان بالرسول.
﴿ إلى الله مرجعكم جميعاً ﴾ هو استئناف في معنى التعليل لأمره تعالى باستباق الخيرات، كأنه يقول : يظهر ثمرة استباق الخيرات والمبادرة إليها في وقت الرجوع إلى الله تعالى ومجازاته.
﴿ فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ﴾ أي فيخبركم بأعمالكم، وهي كناية عن المجازاة بالثواب والعقاب، وهو أخبار إيقاع.
قال ابن جرير : قد بين ذلك في الدنيا بالدلالة والحجج، وغداً يبينه بالمجازاة انتهى.
وبهذا التنبيه يظهر الفضل بين المحق والمبطل، والمسبق والمقصر في العمل.
ونبأ هنا جاءت على وضعها الأصلي من تعديتها إلى واحد بنفسها، وإلى آخر بحرف الجر، ولم يضمنها معنى أعلم فيعديها إلى ثلاثة. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon