فقال : عُطف ﴿ أن احكم ﴾ على ﴿ الكِتاب ﴾ في قوله :﴿ وأنزلنا إليك الكتاب ﴾ [ المائدة : ٤٨ ] كأنّه قيل : وأنزلنا إليك أنْ احْكُم.
فجعل ( أنْ ) مصدريّة داخلة على فعل الأمر، أي فيكون المعنى : وأنزلنا إليك الأمر بالحكم بما أنزل الله كما قال في قوله :﴿ إنّا أرسلنا نُوحاً إلى قومه أن أنذر قومك ﴾ [ نوح : ١ ]، أي أرسلناه بالأمر بالإنذار، وبيّن في سورة يونس ( ١٠٥ ) عند قوله تعالى :﴿ وأن أقم وجهك للدّين حنيفاً ﴾ أنّ هذا قول سيبويه إذ سوّغ أن توصل ( أنْ ) المصدريّة بفعل الأمر والنّهي لأنّ الغرض وصلها بما يكون معه معنى المصدر، والأمرُ والنّهي يدلاّن على معنى المصدر، وعلّله هنا بقوله : لأنّ الأمر فعل كسائر الأفعال.
والحملُ على التفسيرية أوْلَى وأَعرب، وتكون ( أنْ ) مقحمة بين الجملتين مفسّرة لفعل أنْزَل } من قوله :﴿ فاحكم بينهم بما أنزل الله ﴾ ؛ فإنّ ﴿ أنزل ﴾ يتضمّن معنى القول فكان لحرف التّفسير موقع.
وقوله :﴿ ولا تتّبع أهواءهم ﴾ هو كقوله قبلَه ﴿ ولا تتّبع أهواءهم عمّا جاءك من الحقّ ﴾ [ المائدة : ٤٤ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
سؤال : فإن قيل : قوله :﴿وَأَنِ احكم بَيْنَهُمْ﴾ معطوف على ماذا ؟
قلنا : على ﴿الكتاب﴾ في قوله ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب﴾ [ المائدة : ٤٨ ] كأنه قيل : وأنزلنا إليك أن أحكم و﴿أن﴾ وصلت بالأمر لأنه فعل كسائر الأفعال، ويجوز أن يكون معطوفاً على قوله ﴿بالحق﴾ [ المائدة : ٤٨ ] أي أنزلناه بالحق وبأن أحكم، وقوله :﴿وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ﴾ قد ذكرنا أن اليهود اجتمعوا وأرادوا إيقاعه في تحريف دينه فعصمه الله تعالى عن ذلك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٣﴾
فائدة
قال الفخر :
قالوا : هذه الآية ناسخة للتخيير في قوله ﴿فاحكم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ [ المائدة : ٤٢ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٣﴾
فائدة
قال الفخر :