أعيد ذكر الأمر بالحكم بعد ذكره في الآية الأولى إما للتأكيد، وإما لأنهما حكمان أمر بهما جميعاً، لأنهم احتكموا إليه في زنا المحصن، ثم احتكموا في قتيل كان فيهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٣﴾
قوله تعالى ﴿واحذرهم أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ الله إِلَيْكَ ﴾
فصل
قال الفخر :
قال ابن عباس : يريد به يردوك إلى أهوائهم، فإن كل من صرف من الحق إلى الباطل فقد فتن، ومنه قوله ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ﴾ [ الإسراء : ٧٣ ] والفتنة ههنا في كلامهم التي تميل عن الحق وتلقى في الباطل وكان ﷺ يقول :" أعوذ بك من فتنة المحيا " قال هو أن يعدل عن الطريق.
قال أهل العلم : هذه الآية تدل على أن الخطأ والنسيان جائزان على الرسول، لأن الله تعالى قال :﴿واحذرهم أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ الله إِلَيْكَ﴾ والتعمد في مثل هذا غير جائز على الرسول، فلم يبق إلا الخطأ والنسيان. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٣﴾
وقال القرطبى :
﴿ واحذرهم أَن يَفْتِنُوكَ ﴾ "أَنْ" بدل من الهاء والميم في "وَاحْذَرْهُمْ" وهو بدل اشتمال، أو مفعول من أجله ؛ أي من أجل أن يفتنوك.
وعن ابن إسحاق قال ابن عباس : اجتمع قوم من الأحبار منهم ابن صُوريا وكعب بن أسد وابن صَلُوبَا وشَأس بن عديّ وقالوا : اذهبوا بنا إلى محمد فلعلنا نفتِنه عن دينه فإنما هو بشر ؛ فأتوه فقالوا : قد عرفت يا محمد أنّا أحبار اليهود، وإن اتبعناك لم يخالفنا أحد من اليهود، وإن بيننا وبين قوم خصومة فنحاكمهم إليك، فاقض لنا عليهم حتى نؤمِن بك ؛ فأبى رسول الله ﷺ، فنزلت هذه الآية.