وأما الوجه الثاني : وهو قولهم : الآية التي بعد هذه الآية دالة على إمامة علي فوجب أن تكون هذه الآية نازلة في علي، فجوابنا : أنا لا نسلم دلالة الآية التي بعد هذه الآية على إمامة علي وسنذكر الكلام فيه إن شاء الله تعالى، فهذا ما في هذا الموضع من البحث والله أعلم.
أما قوله تعالى :﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ فتحقيق الكلام في المحبة ذكرناه في سورة البقرة في تفسير قوله تعالى :﴿والذين ءامَنُواْ أَشَدُّ حُبّا لِلَّهِ﴾ [ البقرة : ١٦٥ ] فلا فائدة في الإعادة.
وفيه دقيقة وهي أنه تعالى قدم محبته لهم على محبتهم له، وهذا حق لأنه لولا أن الله أحبهم وإلا لما وفقهم حتى صاروا محبين له. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٨ ـ ٢١﴾
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ في موضع النعت.
قال الحسن وقَتَادة وغيرهما : نزلت في أبي بكر الصدّيق وأصحابه.
وقال السّدي : نزلت في الأنصار.
وقيل : هي إشارة إلى قوم لم يكونوا موجودين في ذلك الوقت، وأن أبا بكر قاتل أهل الردّة بقوم لم يكونوا وقت نزول الآية ؛ وهم أحياء من اليمن من كندة وبَجِيلة، ومن أشجع.
وقيل : إنها نزلت في الأشعريين ؛ ففي الخبر أنها لما نزلت قدِم بعد ذلك بيسير سفائن الأشعريين، وقبائل اليمن من طريق البحر، فكان لهم بلاء في الإسلام في زمن رسول الله ﷺ، وكانت عامة فتوح العِراق في زمن عمر رضي الله عنه على يدي قبائل اليمن ؛ هذا أصح ما قيل في نزولها.
والله أعلم.
وروى الحاكم أبو عبد الله في "المستدرك" بإسناده :" أن النبي ﷺ أشار إلى أبي موسى الأشعري لما نزلت هذه الآية فقال :"هم قوم هذا" " قال القُشَيري : فأتباع أبي الحسن من قومه ؛ لأن كل موضع أضيف فيه قوم إلى نبي أريد به الأتباع. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon