قال القاضي أبو محمد : وفعل عبد الله بن أبيّ في هذه النازلة لم يكن ظاهره مغالبة رسول الله ﷺ، ولو فعل ذلك لحاربه رسول الله، وإنما كان يظهر للنبي ﷺ أن يستبقيهم لنصرة محمد ولأن ذلك هو الرأي، وقوله إني امرؤ أخشى الدوائر أي من العرب وممن يحارب المدينة وأهلها، وكان يبطن في ذلك كله التحرز من النبي والمؤمنين وآلفت في أعضادهم، وذلك هو الذي أسر هو في نفسه ومن معه على نفاقه ممن يفتضح بعضهم إلى بعض، وقوله تبارك وتعالى :﴿ فعسى الله ﴾ مخاطبة للنبي ﷺ وللمؤمنين ووعد لهم، و" عسى " من الله واجبة، واختلف المتأولون في معنى ﴿ الفتح ﴾ في هذه الآية فقال قتادة : يعني به القضاء في هذه النوازل، والفتاح القاضي، فكان هذا الوعد هو مما نزل ببني قينقاع بعد ذلك وبقريظة والنضير، وقال السدي؟ يعني به فتح مكة.
قال القاضي أبو محمد : وظاهر الفتح في هذه الآية ظهور رسول الله ﷺ وعلو كلمته، أي فيبدو الاستغناء عن اليهود ويرى المنافق أن الله لم يوجد سبيلاً إلى ما كان يؤمل فيهم من المعونة على أمر محمد ﷺ والدفع في صدر نبوته فيندم حينئذ على ما حصل فيه من محادة الشرع، وتجلل ثوب المقت من الله تعالى ومن رسوله عليه السلام والمؤمنين كالذي وقع وظهر بعد، وقوله تعالى :﴿ أو أمر من عنده ﴾ قال السدي المراد ضرب الجزية.