والثاني : أنها نزلت فى أبي بلابة بن عبد المنذر حين بَعَثَه رسول الله ﷺ إلى بني قريظة لما نقضوا العهد أطاعوا بالنزول على حكم سعد أشار إلى حلقه إليهم أنه الذبح، وهذا قول عكرمة.
والثالث، أنها نزلت فى رجلين من الأنصار خافا من وقعة أحد فقال أحدهما لصاحبه : أَلْحَقُ باليهود وأتهود معهم، وقال الآخر : ألحق بالنصارى فأتنصر معهم ليكون ذلك لهما أماناً من إدالة الكفار على المسلمين، وهذا قول السدي.
﴿ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنْكُمْ فِإِنَّهُ مِنْهُم ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : موالاتهم في العهد فإنه منهم في مخالفة الأمر.
والثاني : موالاتهم في الدين فإنه منهم في حكم الكفر، وهذا قول ابن عباس.
قوله تعالى :﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾ فيه تأويلان :
أحدهما : أن المرض الشك وهو قول مقاتل.
والثاني : النفاق، وهو قول الكلبي.
وفيهم قولان :
أحدهما : المعنيّ به عبادة بن الصامت وعبد الله بن أبي سلول، وهذا قول عطية بن سعد.
والثاني : أنهم قوم من المنافقين. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال الفخر :
اعلم أنه تمّ الكلام عند قوله ﴿أَوْلِيَاء﴾ ثم ابتدا فقال ﴿بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ﴾ وروي أن عبادة بن الصامت جاء إلى رسول الله ﷺ فتبرأ عنده من موالاة اليهود، فقال عبد الله بن أبي : لكني لا أتبرأ منهم لأني أخاف الدوائر، فنزلت هذه الآية، ومعنى لا تتخذوهم أولياء : أي لا تعتمدوا على الاستنصار بهم، ولا تتوددوا إليهم.
ثم قال :﴿وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ قال ابن عباس : يريد كأنه مثلهم، وهذا تغليظ من الله وتشديد في وجوب مجانبة المخالف في الدين، ونظيره قوله ﴿وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنّى﴾ [ البقرة : ٢٤٩ ].


الصفحة التالية
Icon