قال تعالى :﴿يسارعون فِى الخيرات﴾ [ آل عمران : ١١٤ ] وقال تعالى :﴿نُسَارِعُ لَهُمْ فِى الخيرات﴾ [ المؤمنون : ٥٦ ] فكان اللائق بهذا الموضع لفظ العجلة، إلا أنه تعالى ذكر لفظ المسارعة لفائدة، وهي أنهم كانوا يقدمون على هذه المنكرات كأنهم محقون فيه.
الفائدة الثالثة : لفظ الاثم يتناول جميع المعاصي والمنهيات، فلما ذكر الله تعالى بعده العدوان وأكل السحت دلّ هذا على أن هذين النوعين أعظم أنواع المعصية والإثم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٣٤﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وترى كَثِيراً مّنْهُمْ ﴾ أي من أولئك اليهود كما روي عن ابن زيد والخطاب لسيد المخاطبين ﷺ أو لكل من يصلح للخطاب، والرؤية بصرية، وقيل : قلبية، وقوله تعالى :﴿ يسارعون فِيهِمْ الإثم والعدوان ﴾ في موضع الحال من ﴿ كَثِيراً ﴾ الموصوف بالجار والمجرور، وقيل : مفعول ثان لترى والمسارعة مبادرة الشيء بسرعة، وإيثار ﴿ فِى ﴾ على إلى للإشارة إلى تمكنهم فيما يسارعون إليه تمكن المظروف في ظرفه وإحاطته بأعمالهم، وقد مرت الإشارة إلى ذلك.
والمراد بالإثم الحرام، وقيل : الكذب مطلقاً، وقيل : الكذب بقولهم :﴿ مِنَ ﴾ [ المائدة : ٦١ ] لأنه إما إخبار أو إنشاء متضمن الإخبار بحصول صفة الإيمان لهم، واستدل على التخصيص بقوله تعالى الآتي :﴿ عَن قَوْلِهِمُ الإثم ﴾ [ المائدة : ٦٣ ]، وأنت تعلم أنه لا يقتضيه، وقيل : المراد به الكفر، وروي ذلك عن السدي، ولعل الداعي لتخصيصه به كونه الفرد الكامل، والمراد من العدوان : الظلم أو مجاوزة الحد في المعاصي، وقيل : الإثم ما يختص بهم، والعدوان ما يتعدى إلى غيرهم، والكلام مسوق لوصفهم بسوء الأعمال بعد وصفهم لسوء الاعتقاد ﴿ وَأَكْلِهِمُ السحت ﴾ أي الحرام مطلقاً، وقال الحسن : الرشوة في الحكم والتنصيص على ذلك بالذكر مع اندراجه في المتقدم للمبالغة في التقبيح.
﴿ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ أي لبئس شيئاً يعملونه هذه الأمور فما نكرة موصوفة وقعت تمييزاً لضمير الفاعل المستتر في بئس والمخصوص بالذم محذوف كما أشرنا إليه، وجوز جعل ﴿ مَا ﴾ موصولة فاعل بئس والجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل للدلالة على الاستمرار. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾