﴿ وَقَالَتِ اليهود ﴾ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وعكرمة والضحاك قالوا : إن الله تعالى قد بسط لليهود الرزق فلما عصوا أمر رسول الله ﷺ كف عنهم ما كان بسط لهم، فعند ذلك قال فنحاص بن عازوراء رأس يهود قينقاع، وفي رواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما النباش بن قيس ﴿ يَدُ الله ﴾ عز وجل ﴿ مَغْلُولَةً ﴾ وحيث لم ينكر على القائل الآخرون ورضوا به نسبت تلك العظيمة إلى الكل، ولذلك نظائر تقدم كثير منها. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾

فصل


قال الفخر :
غل اليد وبسطها مجاز مشهور عن البخل والجود، ومنه قوله تعالى :﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البسط ﴾ [ الإسراء : ٢٩ ] قالوا : والسبب فيه أن اليد آلة لأكثر الأعمال لا سيما لدفع المال ولإنفاقه، فأطلقوا اسم السبب على المسبب، وأسندوا الجود والبخل إلى اليد والبنان والكف والأنامل.
فقيل للجواد : فياض الكف مبسوط اليد، وبسط البنان تره الأنامل.
ويقال للبخيل : كز الأصابع مقبوض الكف جعد الأنامل.
فإن قيل : فلما كان قوله ﴿يَدُ الله مَغْلُولَةٌ﴾ المراد منه البخل وجب أن يكون قوله ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ﴾ المراد منه أيضاً البخل لتصح المطابقة، والبخل من الصفات المذمومة التي نهى الله تعالى عنها، فكيف يجوز أن يدعو عليهم بذلك ؟
قلنا : قوله ﴿يَدُ الله مَغْلُولَةٌ﴾ عبارة عن عدم المكنة من البذل والإعطاء، ثم إن عدم المكنة من الإعطاء تارة يكون لأجل البخل وتارة يكون لأجل الفقر، وتارة يكون لأجل العجز، فكذلك قوله ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ﴾ دعاء عليهم بعدم القدرة والمكنة ؛ سواء حصل ذلك بسبب العجز أو الفقر أو البخل، وعلى هذا التقدير فإنه يزول الإشكال. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٣٥ ـ ٣٦﴾
وقال الآلوسى :


الصفحة التالية
Icon