وقيلَ : حُذف مجرور دلّ عليه المذْكور، والتّقدير : هل تنقمون منّا إلاّ الإيمانَ لأنّكم جائرُون وأكثركم فاسقون، وهذا تخريج على أسلوب غير معهود، إذ لم يعرف حذف المعطوف عليه في مثل هذا.
وذكر وجهان آخران غير مرضيين.
والّذي يظهر لي أن يكون قوله :﴿ وأنّ أكثركم فاسقون ﴾ معطوفاً على ﴿ أنّ آمنّا بالله ﴾ على ما هو المتبادر ويكون الكلام تهكّماً، أي تنقمون منّا أنّنا آمنّا كإيمانكم وصدّقنا رسلكم وكتبكم، وذلك نَقْمُهُ عجيب وأنّنا آمنّا بما أنزل إلينا وذلك لا يهمّكم.
وتنقمون منّا أنّ أكثركم فاسقون، أي ونحنُ صالحون، أي هذا نَقْم حَسَد، أي ونحن لا نملك لكم أن تكونوا صالحين.
فظهرت قرينة التهكّم فصار في الاستفهام إنكار فتعَجُّب فتهكُّم، تولَّد بعضُها عن بعض وكّلها متولّدة من استعمال الاستفهام في مجازاته أو في معان كنائية، وبهذا يكمل الوجه الّذي قدّمه صاحب "الكشاف". أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon