ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (٥٩) ﴾
و" قُلْ " هي خطاب لرسول الله ﷺ. وحين يخاطب الحق الرسول، فالخطاب أيضاً لأمته ﷺ، فنقول نحن أيضاً :﴿ قُلْ ياأهل الكتاب هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بالله وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [ المائدة : ٥٩ ].
و" نَقَم يَنْقِم " أي كره مني أن أفعل هذا، فلماذا تكرهون إيماننا يا أهل الكتاب؟ هل الإيمان مما يكره؟ وجاء الحق هنا بسؤال لا يقدرون على الإجابة عنه، فنحن آمنا بالله وبرسله وما أنزله علينا وما أنزل من قبل، فما الذي يُكره في هذا؟ وأبلغ سيدنا محمد ﷺ اليهود أننا نؤمن بالله وبالرسل ومنهم سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام، فغضبوا منه كثيراً. فكيف يكره أهل الكتاب إيمان المسلمين بالله؟
مثال ذلك عندما يدعوك إنسان إلى تصرف غير مستقيم أو إلى الذهاب إلى مكان مشبوه فترفض ذلك يكرهك هذا الإنسان، فتقول له : أتكره في سلوكي أن أكون مستقيماً؟ ونعلم أن الإنسان الأمين هو ثروة لمن يعرفه والذي يستحق النقمة والكراهية هو الفعل الضار، أما الإيمان بالله فهو أمر محبوب لأنه يُعلم الإنسان الأدب مع كل خلق الله، ويعلم الإنسان الحفاظ على أعراض الناس، ويعلم الإنسان ألاَّ يعتدي على أموال ودماء الناس ولا يغتاب الناس، ولا يرتشي، وأن يخلص في العمل وألا يكذب في ميعاد، فأي شيء في هذا يستحق الكراهية؟
إذن، فمن يكره إنساناً لأي سبب من هذا فهو كره بلا منطق، وكان من الواجب أن يكون سبب الكره سبباً للمحبة. وقد يأتي من يقول لك : ليس في فلان من عيوب إلا كذا.


الصفحة التالية
Icon