وقال الآلوسى :
﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾ عطف على مقدر يقتضيه المقام أي كلا ليس الشأن كما زعموا بل في غاية ما يكون من الجود، وإليه كما قيل أشير بتثنية اليد، فإن أقصى ما تنتهي إليه همم الأسخياء أن يعطوا بكلتا يديهم، وقيل : اليد هنا أيضاً بمعنى النعمة، وأريد بالتثنية نعم الدنيا ونعم الآخرة، أو النعم الظاهرة والنعم الباطنة أو ما يعطى للاستدراج وما يعطى للإكرام، وقيل : وروي عن الحسن أنها بمعنى القدرة كاليد الأولى، وتثنيتها باعتبار تعلقها بالثواب وتعلقها بالعقاب، وقيل : المراد من التثنية : التكثير كما في ﴿ ثُمَّ اْرجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ ﴾ [ الملك : ٤ ] والمراد من التكثير : مجرد المبالغة في كمال القدرة وسعتها لا أنها متعددة، ونظير ذلك قول الشاعر :
فسرت أسرة طرتيه فغورت...
في الخصر منه وأنجدت في نجده
فإنه لم يرد أن لذلك الرشا طرتين إذ ليس للإنسان إلا طرة واحدة وإنما أراد المبالغة.
وقال سلف الأمة رضي الله تعالى عنهم : إن هذا من المتشابه، وتفويض تأويله إلى الله تعالى هو الأسلم، وقد صح عن النبي ﷺ أنه أثبت لله عز وجل يدين، وقال :" وكلتا يديه يمين " ولم يرو عن أحد من أصحابه ﷺ أنه أول ذلك بالنعمة، أو بالقدرة بل أبقوها كما وردت وسكتوا، ولئن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب لا سيما في مثل هذه المواطن (١)، وفي مصحف عبد الله بل يداه بسطان يقال : يد بسط بالمعروف، ونحوه مشية سجح وناقة سرح. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾

_
(١) هذا ما تطمئن النفس إليه وعليه سلف الأمة جمعنا الله بهم فى مستقر رحمته ودار كرامته.


الصفحة التالية
Icon