وأيضا فلو كان الله تعالى عنى بقوله :( لما خلقت بيدي ) القدرة لم يكن لآدم ﷺ على إبليس مزية في ذلك والله تعالى أراد أن يرى فضل آدم ﷺ عليه إذ خلقه بيديه دونه ولو كان خالقا لإبليس بيده كما خلق آدم ﷺ بيده لم يكن لتفضيله عليه بذلك وجه وكان إبليس يقول محتجا على ربه : فقد خلقتني بيديك كما خلقت آدم ﷺ بهما فلما أراد الله تعالى تفضيله عليه بذلك وقال الله تعالى موبخا له على استكباره على آدم ﷺ أن يسجد له :( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت ؟ ) ( ٧٥ / ٣٨ ) دل على أنه ليس معنى الآية القدرة إذ كان الله تعالى خلق الأشياء جميعا بقدرته وإنما أراد إثبات يدين ولم يشارك إبليس آدم ﷺ في أن خلق بهما. ( ١ / ١٣٣ )
فصل
وليس يخلو قوله تعالى :( لما خلقت بيدي ) أن يكون معنى ذلك إثبات يدين نعمتين أو يكون معنى ذلك إثبات يدين جارحتين. تعالى الله عن ذلك أو يكون معنى ذلك إثبات يدين قدرتين أو يكون معنى ذلك إثبات يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين ولا قدرتين لا توصفان إلا كما وصف الله تعالى فلا يجوز أن يكون معنى ذلك نعمتين لأنه لا يجوز عند أهل اللسان أن يقول القائل : عملت بيدي وهو نعمتي
ولا يجوز عندنا ولا عند خصومنا أن نعني جارحتين ولا يجوز عند خصومنا أن يعني قدرتين. ( ١ / ١٣٤ )
وإذا فسدت الأقسام الثلاثة صح القسم الرابع وهو أن معنى قوله تعالى :( بيدي ) إثبات يدين ليستا جارحتين ولا قدرتين ولا نعمتين لا يوصفان إلا بأن يقال : إنهما يدان ليستا كالأيدي خارجتان عن سائر الوجوه الثلاثة التي سلفت
مسألة :