وأيضا فلو كان معنى قوله تعالى :( بيدي ) نعمتي لكان لا فضيلة لآدم ﷺ على إبليس في ذلك على مذاهب مخالفينا لأن الله تعالى قد ابتدأ إبليس على قولهم كما ابتدأ آدم ﷺ وليس تخلو النعمتان أن يكونا هما بدن آدم ﷺ أو يكونا عرضين خلقا في بدن آدم عليه الصلاة والسلام فلو ( ١ / ١٣٥ ) كان عنى بدن آدم عليه السلام فلأبدان عند مخالفينا من المعتزلة جنس واحد وإذا كانت الأبدان عندهم جنسا واحدا فقد حصل في جسد إبليس على مذاهبهم من النعمة ما حصل في جسد آدم ﷺ وكذلك إن عنى عرضين فليس من عرض فعله في بدن آدم ﷺ من لون أو حياة أو قوة أو غير ذلك إلا وقد فعل من جنسه عندهم في بدن إبليس وهذا يوجب أنه لا فضيلة لآدم ﷺ على إبليس في ذلك والله تعالى إنما احتج على إبليس بذلك ليريه أن لآدم ﷺ في ذلك الفضيلة فدل ما قلناه على أن الله عز وجل لما قال :( خلقت بيدي ) لم يعن نعمتي ( ١ / ١٣٦ )
مسألة :
ويقال لهم : لم أنكرتم أن يكون الله تعالى عنى بقوله :( بيدي ) يدين ليستا نعمتين ؟
فإن قالوا : لأن اليد إذا لم تكن نعمة لم تكن إلا جارحة
قيل لهم : ولم قضيتم أن اليد إذا لم تكن نعمة لم تكن إلا جارحة ؟ وإن رجعونا إلى شاهدنا أو إلى ما نجده فيما بيننا من الخلق فقالوا : اليد إذا لم تكن نعمة في الشاهد لم تكن إلا جارحة
قيل لهم : إن عملتم على الشاهد وقضيتم به على الله تعالى فكذلك لم نجد حيا من الخلق إلا جسما لحما ودما فاقضوا بذلك على الله - تعالى عن ذلك - وإلا كنتم لقولكم تاركين ولاعتلالكم ناقضين
وإن أثبتم حيا لا كالأحياء منا فلم أنكرتم أن تكون اليدان اللتان أخبر الله تعالى عنهما يدين ليستا نعمتين ولا جارحتين ولا كالأيدي ؟ ( ١ / ١٣٧ )