كما يقال : لفلان عندي يداً نعمة، وعلى هذا القول يكون بعضه تشبيه ومعناه جمع كقوله ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا ﴾ [ إبراهيم : ٣٤ ]. والعرب تضع الواحد موضع الجمع كقوله ﴿ وَكَانَ الكافر على رَبِّهِ ظَهِيراً ﴾ [ الفرقان : ٥٥ ]. ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي كَبَدٍ ﴾ [ البلد : ٤ ] و﴿ إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ ﴾ [ العصر : ٢ ] ونحوها، ويقول العرب : ما أكثر الدرهم والدينار في أيدي الناس، ويضع التشبيه أيضاً موضع الجمع كقوله ﴿ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ ﴾ [ ق : ٢٤ ] فأراد الجمع. قال امرؤ القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل... يدل عليه :
وقوفاً بها صحبي على مطيّهم... يقول بأنه أخذ الجمع. قال محمد بن مقاتل الرازي : أراد نعمتان مبسوطتان نعمته في الدنيا ونعمته في الآخرة، وهذه تأويلات مدخولة لأن اللّه عز وجل ذكر له خلق آدم بيده على طريق التخصيص والتفضيل لآدم على إبليس، ولو كان تأويل اليد ما ذكروا لما كان لهذا التخصيص والتفضيل لآدم معنى لأن إبليس أيضاً مخلوق بقدرة اللّه وفي ملك اللّه ونعمته.
وقال أهل الحق : إنه صفة من صفات ذاته كالسمع والبصر والوجه، قال الحسن : إن اللّه سبحانه يداه لا توصف، دليل هذا التأويل إن اللّه ذكر اليد مرّة بلفظ اليد فقال عز من قائل ﴿ قُلْ إِنَّ الفضل بِيَدِ الله ﴾ [ آل عمران : ٧٣ ] ﴿ بِيَدِكَ الخير ﴾ [ آل عمران : ٢٦ ] ﴿ يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾ [ الفتح : ١٠ ] ﴿ تَبَارَكَ الذي بِيَدِهِ الملك ﴾ [ الملك : ١ ].
وقال ( عليه السلام ) :" يمين اللّه ملأن [ لا يعيضن ] نفقة فترد به " وقال عز وجل مرّة وقال ﴿ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ ص : ٧٥ ] ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾.


الصفحة التالية
Icon