وقال ( عز وجل ) :( وكلتا يديه يمين ) وجمعه مرّة فقال ﴿ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً ﴾ [ يس : ٧١ ] قوله ﴿ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً ﴾ بإنكارهم ومخالفتهم وتركهم الإيمان ﴿ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ العداوة والبغضآء ﴾ يعني من اليهود والنصارى ﴿ كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ ﴾ يعني اليهود والنصارى أفسدوا وخالفوا حكم التوراة فغضب اللّه عز وجل فبعث عليهم بخّت نصّر ثم أفسدوا فبعث اللّه عليهم وطرس الرومي ثم أفسدوا فسلّط اللّه عليهم المجوس ثمّ أفسدوا فسلّط الله عليهم المسلمين وكانوا كلما استقام أمرهم شتتهم اللّه تعالى وكلما جمعوا أمرهم على حرب رسول اللّه وأوقدوا ناراً للحرب ﴿ أَطْفَأَهَا الله ﴾ وقهرهم ونصر نبيه ودينه. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
ومن فوائد الإمام القرطبى فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى :﴿ وَقَالَتِ اليهود يَدُ الله مَغْلُولَةٌ ﴾.
قال عِكْرمة : إنما قال هذا فنْحَاص بن عازُوراء لعنه الله وأصحابه، وكان لهم أموال فلما كفروا بمحمد ﷺ قَلّ مالهُم ؛ فقالوا : إن الله بخيل، ويد الله مقبوضة عنا في العطاء ؛ فالآية خاصة في بعضهم.
وقيل : لما قال قوم هذا ولم ينكر الباقون صاروا كأنهم بأجمعهم قالوا هذا.
وقال الحسن : المعنى يد الله مقبوضة عن عذابنا.
وقيل : إنهم لما رأُوا النبي ﷺ في فقر وقلة مال وسمعوا ﴿ مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً ﴾ [ البقرة : ٢٤٥ ] ورأُوا أن النبي ﷺ قد كان يستعين بهم في الدّيات قالوا : إن إله محمد فقير، وربما قالوا : بخيل ؛ وهذا معنى قولهم :﴿ يَدُ الله مَغْلُولَةٌ ﴾ فهو على التمثيل كقوله :﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ ﴾ [ الإسراء : ٢٩ ].


الصفحة التالية
Icon