ويقال للبخيل : جَعْدُ الأنامل، ومقبوض الكفّ، وكَزُّ الأصابع، ومغلول اليد ؛ قال الشاعر :
كانت خُراسان أرضاً إذْ يَزيدُ بها...
وكلُّ باب من الخيرات مفتوح
فاستبدلت بعده جَعْداً أنامله...
كأنّما وجهه بالخلِّ منضوح
واليد في كلام العرب تكون للجارحة كقوله تعالى :﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً ﴾ [ ص : ٤٤ ] وهذا محال على الله تعالى.
وتكون للنعمة ؛ تقول العرب : كم يدٌ لي عند فلان، أي كم من نعمة لي قد أسديتها له، وتكون للقوّة ؛ قال الله عز وجل ﴿ واذكر عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأيد ﴾ [ ص : ١٧ ] أي ذا القوّة وتكون للملِك والقدرة ؛ قال الله تعالى ﴿ قُلْ إِنَّ الفضل بِيَدِ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ﴾ [ آل عمران : ٧٣ ].
وتكون بمعنى الصلة قال الله تعالى :﴿ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً ﴾ [ يس : ٧١ ] أي مما عملنا نحن.
وقال :﴿ أَوْ يَعْفُوَاْ الذي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح ﴾ [ البقرة : ٢٣٧ ] أي الذي له عقدة النكاح.
وتكون بمعنى التأييد والنصرة، ومنه قوله عليه السلام :" يد الله مع القاضي حتى يقضِي والقاسم حتى يَقسِم " وتكون لإضافة الفعل إلى المخبَر عنه تشريفاً له وتكريماً ؛ قال الله تعالى :﴿ ياإبليس مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ ص : ٧٥ ] فلا يجوز أن يحمل على الجارحة ؛ لأن الباري جلّ وتعالى واحد لا يجوز عليه التبعيض، ولا على القوّة والمِلك والنعمة والصّلة، لأن الاشتراك يقع حينئذٍ بين وليه آدم وعدوّه إبليس، ويبطل ما ذكر من تفضيله عليه ؛ لبطلان معنى التخصيص، فلم يبق إلا أن تُحمَل على صفتين تعلّقتا بخلق آدم تشريفاً له دون خلق إبليس تَعلُّق القدرة بالمقدور، لا من طريق المباشرة ولا من حيث المماسَّة ؛ ومثله ما روى أنه عز اسمه وتعالى علاه وجده أنه كَتَب التّوراة بيده، وغَرَس دار الكرامة بيده لأهل الجنة، وغير ذلك تعلق الصفة بمقتضاها.


الصفحة التالية
Icon