قال القاضي أبو محمد : والظاهر أن قوله تعالى :﴿ بل يداه مبسوطتان ﴾ عبارة عن إنعامه على الجملة وعبر عنه بيدين جرياً على طريقة العرب في قولهم فلان ينفق بكلتا يديه ومنه قول الشاعر وهو الأعشى :
يداك يدا مجد فكفٌّ مفيدة... وكفٌّ إذا ما ضنَّ بالمال تنفق
ويؤيد أن اليدين هنا بمعنى الإنعام قرينة الإنفاق، قال أبو عمرو الداني : وقرأ أبو عبد الله " بل يداه بسطتان " يقال يد بسطة أي مطلقة، وروي عنه " بسطان "، وقوله تعالى :﴿ وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً ﴾ إعلام لمحمد ﷺ بأن هؤلاء اليهود من العتو والبعد عن الحق بحيث إذا سمعوا هذه الأسرار التي لهم والأقوال التي لا يعلمها غيرهم تنزل عليك، طغوا وكفروا، وكان عليهم أن يؤمنوا إذ يعلمون أنك لا تعرفها إلا من قبل الله، لكنهم من العتو بحيث يزيدهم ذلك طغياناً، وخص تعالى ذكر الكثير إذ فيهم من آمن بالله ومن لا يطغى كل الطغيان.