وأما قوله تعالى :﴿لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾ فاعلم أن اليهود لما أصروا على تكذيب محمد عليه الصلاة والسلام أصابهم القحط والشدة، وبلغوا إلى حيث قالوا :﴿يَدُ الله مَغْلُولَةٌ﴾ فالله تعالى بيّن أنهم لو تركوا ذلك الكفر لانقلب الأمر وحصل الخصب والسعة، وفي قوله ﴿لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾ وجوه : الأول : أن المراد منه المبالغة في شرح السعة والخصب، لا أن هناك فوقا وتحتا، والمعنى لأكلوا أكلاً متصلاً كثيراً، وهو كما تقول : فلان في الخير من فرقه إلى قدمه، تريد تكاثف الخير وكثرته عنده.
الثاني : أن الأكل من فوق نزول القطر، ومن تحت الأرجل حصول النبات، كما قال تعالى في سورة الأعراف ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى ءامَنُواْ واتقوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بركات مّنَ السماء والأرض﴾ [ الأعراف : ٩٦ ] الثالث : الأكل من فوق كثرة الأشجار المثمرة، ومن تحت الأرجل الزروع المغلة، والرابع : المراد أن يرزقهم الجنان اليانعة الثمار، فيجتنون ما تهدل من رؤوس الشجر، ويلتقطون ما تساقط على الأرض من تحت أرجلهم، والخامس : يشبه أن يكون هذا إشارة إلى ما جرى على اليهود من بني قريظة وبني النضير من قطع نخيلهم وإفساد زروعهم وإجلائهم عن أوطانهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٤٠﴾


الصفحة التالية
Icon