فصل


قال الفخر :
قرأ الحسن ﴿هَلْ تَنقِمُونَ﴾ بفتح القاف، والفصيح كسرها.
يقال : نقمت الشيء ونقمته بكسر القاف وفتحها إذا أنكرته، وللمفسرين عبارات : هل تنقمون منا : هل تعيبون هل تنكرون، هل تكرهون.
قال بعضهم : سمي العقاب نقمة لأنه يجب على ما ينكر من الفعل.
وقال آخرون : الكراهة التي يتبعها سخط من الكاره تسمى نقمة، لأنها تتبعها النقمة التي هي العذاب فعلى القول الأول لفظ النقمة موضوع أولاً للمكروه، ثم سمي العذاب نقمة لكونه مكروهاً، وعلى القول الثاني لفظ النقمة موضوع للعذاب، ثم سمي المنكر والمكروه نقمة لأنه يتبعه العذاب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٢٩ ـ ٣٠﴾
وقال الآلوسى :
﴿ قُلْ يا أهل أَهْلِ الكتاب ﴾ أمر لرسول الله ﷺ بطريق تلوين الخطاب بعد نهي المؤمنين عن تولي المستهزئين بأن يخاطبهم ويبين أن الدين منزه عما يصحح صدور ما صدر منهم من الاستهزاء ويظهر لهم سبب ما ارتكبوه ويلقمهم الحجر، ووصفوا بأهلية الكتاب تمهيداً لما سيذكر سبحانه من تبكيتهم وإلزامهم بكفرهم بكتابهم أي قل يا محمد لأولئك الفجرة ﴿ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا ﴾ أي هل تنكرون وتعيبون منا، وهو من نقم منه كذا إذا أنكره وكرهه من حدّ ضرب، وقرأ الحسن ﴿ تَنقِمُونَ ﴾ بفتح القاف من حدّ علم، وهي لغة قليلة، وقال الزجاج : يقال : نقم بالفتح والكسر، ومعناه بالغ في كراهة الشيء، وأنشد لعبد الله بن قيس :
( ما نقموا ) من بني أمية...
إلا أنهم يحلمون إن غضبوا
وفي "النهاية" "يقال : نقم ينقم إذا بلغت به الكراهة حدّ السخط، ويقال : نقم من فلان الإحسان إذا جعله مما يؤديه إلى كفر النعمة، ومنه حديث الزكاة " ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله تعالى " أي ما ينقم شيئاً من منع الزكاة إلا أن يكفر النعمة، فكأن غناه أداه إلى كفر نعمة الله تعالى"، وعن الراغب إن تفسير نقم بأنكر وأعاب لأن "النقمة معناها الإنكار باللسان أو بالعقوبة" لأنه لا يعاقب إلا على ما ينكر فيكون على حد قوله :
ونشتم بالأفعال لا بالتكلم...


الصفحة التالية
Icon