قرأ نافع ﴿رسالاته﴾ في هذه الآية وفي الأنعام ﴿حَيْثُ يَجْعَلُ رسالتَه﴾ [ الأنعام : ١٢٤ ] على الجمع، وفي الأعراف ﴿برسالاتي﴾ [ الأعراف : ١٤٤ ] على الواحد، وقرأ حفص عن عاصم على الضد، ففي المائدة والأنعام على الواحد، وفي الأعراف على الجمع، وقرأ ابن كثير في الجميع على الواحد، وقرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم كله على الجمع.
حجة من جمع أن الرسل يبعثون بضروب من الرسالات وأحكام مختلفة في الشريعة، وكل آية أنزلها الله تعالى على رسوله ﷺ فهي رسالة، فحسن لفظ الجمع، وأما من أفرد فقال : القرآن كله رسالة واحدة، وأيضاً فإن لفظ الواحد قد يدل على الكثرة وإن لم يجمع كقوله ﴿وادعوا ثُبُوراً كَثِيراً﴾ [ الفرقان : ١٤ ] فوقع الاسم الواحد على الجمع، وكذا ههنا لفظ الرسالة وإن كان واحداً إلا أن المراد هو الجمع. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٤١﴾

فصل


قال الفخر :
لقائل أن يقول : إن قوله ﴿وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ معناه فإن لم تبلغ رسالته فما بلغت رسالته، فأي فائدة في هذا الكلام ؟
أجاب جمهور المفسرين بأن المراد : أنك إن لم تبلغ واحداً منها كنت كمن لم يبلغ شيئاً منها، وهذا الجواب عندي ضعيف، لأن من أتى بالبعض وترك البعض لو قيل : إنه ترك الكل لكان كذباً ولو قيل أيضاً : إن مقدار الجرم في ترك البعض مثل مقدار الجرم في ترك الكل فهو أيضاً محال ممتنع، فسقط هذا الجواب.
والأصح عندي أن يقال : إن هذا خرج على قانون قوله :


الصفحة التالية
Icon