ظاهر الإعراب يقتضي أن يقال : والصابئين، وهكذا قرأ أبي بن كعب وابن مسعود وابن كثير، وللنحويين في علة القراءة المشهورة وجوه : الأول : وهو مذهب الخليل وسيبويه ارتفع الصائبون بالابتداء على نية التأخير، كأنه قيل : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والصائبون كذلك، فحذف خبره، والفائدة في عدم عطفهم على من قبلهم هو أن الصابئين أشد الفرق المذكورين في هذه الآية ضلالاً، فكأنه قيل : كل هؤلاء الفرق إن آمنوا بالعمل الصالح قبل الله توبتهم وأزال ذنبهم، حتى الصابئون فإنهم إن آمنوا كانوا أيضاً كذلك.
الوجه الثاني : وهو قول الفراء أن كلمة ﴿إن﴾ ضعيفة في العمل ههنا، وبيانه من وجوه : الأول : أن كلمة ﴿إن﴾ إنما تعمل لكونها مشابهة للفعل، ومعلوم أن المشابهة بين الفعل وبين الحرف ضعيفة.
الثاني : أنها وإن كانت تعمل لكن إنما تعمل في الاسم فقط، أما الخبر فإنه بقي مرفوعاً بكونه خبر المبتدأ، وليس لهذا الحرف في رفع الخبر تأثير، وهذا مذهب الكوفيين، وقد بيناه بالدليل في سورة البقرة في تفسير قوله ﴿إِنَّ الذين كَفَرُواْ سَوَاء عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ﴾ [ البقرة : ٦ ] الثالث : أنها إنما يظهر أثرها في بعض الأسماء، أما الأسماء التي لا يتغير حالها عند اختلاف العوامل فلا يظهر أثر هذا الحرف فيها، والأمر ههنا كذلك، لأن الاسم ههنا هو قوله ﴿الذين﴾ وهذه الكلمة لا يظهر فيها أثر الرفع والنصب والخفض.