إذا ثبت هذا فنقول : إنه إذا كان اسم ﴿إن﴾ بحيث لا يظهر فيه أثر الإعراب، فالذي يعطف عليه يجوز النصب على إعمال هذا الحرف، والرفع على إسقاط عمله، فلا يجوز أن يقال : إن زيداً وعمرو قائمان لأن زيداً ظهر فيه أثر الإعراب، لكن إنما يجوز أن يقال : إن هؤلاء وإخوتك يكرموننا، وإن هذا نفسه شجاع، وإن قطام وهند عندنا، والسبب في جواز ذلك أن كلمة ﴿إن﴾ كانت في الأصل ضعيفة العمل، وإذا صارت بحيث لا يظهر لها أثر في اسمها صارت في غاية الضعف، فجاز الرفع بمقتضى الحكم الثابت قبل دخول هذا الحرف عليه، وهو كونه مبتدأ، فهذا تقرير قول الفراء، وهو مذهب حسن وأولى من مذهب البصريين، لأن الذي قالوه يقتضي أن كلام الله على الترتيب الذي ورد عليه ليس بصحيح، وإنما تحصل الصحة عند تفكيك هذا النظم، وأما على قول الفراء فلا حاجة إليه، فكان ذلك أولى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٤٤﴾
وقال الثعلبى :
﴿ إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ والصابئون والنصارى ﴾ كان حقه والصابئين وإنما رفعه عطفاً على الذين قبل دخول أنّ فلا يحدث معنى كما تقول : زيد قائم، وأن زيداً قائم معناها واحد، وقرأ الحسن إن اللّه وملائكته برفع التاء. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
وقال السمرقندى :
وقال : في هذه السورة ﴿ والصابئون ﴾ وقال في موضع آخر :﴿ والصابئين ﴾ لأنه معطوف على خبر إن وكل اسم معطوف على خبر إن، كان فيه طريقان، إن شاء رفع، وإن شاء نصب، كقوله :"إن زيداً قادم وعمرو" إن شاء نصب الثاني، وإن شاء رفعه، كقوله تعالى :﴿ أَنَّ الله برىء مِّنَ المشركين وَرَسُولُهُ ﴾ [ التوبة : ٣ ] وقد قرأ : ورسولَه ولكنه شاذ، وكذلك ها هنا جاز أن يقول :( والصابئين ) ﴿ والصابئون ﴾، إلا أن في هذه السورة كتب بالرفع. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾