وقال أبو حيان :
﴿ لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ﴾ هؤلاء هم الملكية من النصارى القائلون بالتثليث.
وظاهر قوله : ثالث ثلاثة، أحد آلهة ثلاثة.
قال المفسرون : أرادوا بذلك أن الله تعالى وعيسى وأمه آلهة ثلاثة، ويؤكده ﴿ أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ﴾ ﴿ ما اتخذ صاحبة ولا ولداً ﴾ ﴿ أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة ﴾ ﴿ ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله ﴾ وحكى المتكلمون عن النصارى أنهم يقولون : جوهر واحد ثلاثة أقانيم : أب، وابن، وروح قدس.
وهذه الثلاثة إله واحد، كما أن الشمس تتناول القرص والشعاع والحرارة، وعنوا بالأب الذات، وبالابن الكلمة، وبالروح الحياة.
وأثبتوا الذات والكلمة والحياة وقالوا : إن الكلمة التي هي كلام الله اختلطت بجسد عيسى اختلاط الماء بالحمر، أو اختلاط اللبن بالماء، وزعموا أن الأب إله، والابن إله، والروح إله، والكل إله واحد.
وهذا معلوم البطلان ببديهة العقل أن الثلاثة لا تكون واحداً، وأن الواحد لا يكون ثلاثة، ولا يجوز في العربية في ثالث ثلاثة إلا الإضافة، لأنك لا تقول ثلثت الثلاثة.
وأجاز النصب في الذي يلي اسم الفاعل الموافق له في اللفظ أحمد بن يحيى ثعلب، وردّوه عليه جعلوه كاسم الفاعل مع العدد المخالف نحو : رابع ثلاثة، وليس مثله إذ تقول : ربعت الثلاثة أي صيرتهم بك أربعة.
﴿ وما من إله إلا إله واحد ﴾ معناه لا يكون إله في الوجود إلا متصفاً بالوحدانية، وأكد ذلك بزيادة من الاستغراقية وحصر إلهيته في صفة الوحدانية.
وإله رفع على البدل من إله على الموضع.
وأجاز الكسائي اتباعه على اللفظ، لأنه يجيز زيادة من في الواجب، والتقدير : وما إله في الوجود إلا إله واحد أي : موصوف بالوحدانية لا ثاني له وهو الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon