وقال الثعلبى :
﴿ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ﴾ الآية، تصدق، وقال مقاتل : إنما سميت صديقة لأنها لما أتاها جبرئيل، وهي في منجم وقال لها : إنما أنا رسول ربك صدّقته.
﴿ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطعام ﴾ في هذا المعنى هذا عبارة عن الحدث ومن أكل وأحدث لا يستحق أن يكون إلهاً. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
وقال السمرقندى :
﴿ مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلاَّ رَسُولٌ ﴾ يعني : هو رسول كسائر الرسل، ﴿ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرسل ﴾ وهو من جماعة الرسل، ﴿ وَأُمُّهُ صِدّيقَةٌ ﴾ شبه النبيين، وذلك حين صدقت جبريل حين قال لها :﴿ قَالَ إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لاًّهَبَ لَكِ غلاما زَكِيّاً ﴾ [ مريم : ١٩ ] والصديق في اللغة هو المبالغ في التصديق.
وقال في آية أخرى :﴿ وَأُمُّهُ صِدّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطعام ﴾ يعني : المسيح وأمه كانا يأكلان ويشربان.
ومن أكل وشرب، تكون حياته بالحيلة، والرب : لا يأكل ولا يشرب.
ويقال :﴿ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطعام ﴾ كناية عن قضاء الحاجة.
لأن الذي يأكل الطعام.
فله قضاء الحاجة.
ومن كان هكذا لا يصلح أن يكون ربّاً. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
أخبر تعالى عن حقيقة أمر المسيح وأنه رسول بشر كالرسل المتقدمة قبله، و﴿ خلت ﴾ معناه مضت وتقدمت في الخلاء من الأرض، وقرأ حطان بن عبد الله الرقاشي " قد خلت من قبله رسل " بتنكير الرسل، وكذلك قرأ ﴿ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ﴾ [ آل عمران : ١٤٤ ] وقد مضى القول على وجه هذه القراءة هناك، وقوله تعالى :﴿ وأمه صديقة ﴾ صفة ببناء مبالغة من الصدق، ويحتمل أن يكون من التصديق وبه سمي أبو بكر رضي الله عنه لتصديقه، وهذه الصفة لمريم تدفع قول من قال هي نبية، وقد يوجد في صحيح الحديث قصص قوم كلمتهم ملائكة في غير ما فن كقصة الثلاثة الأقرع والأعمى والأبرص وغيرهم، ولا تكون هنالك نبوة، فكذلك أمر مريم (١)
________
(١) هذا رد على من يقول بنبوة مريم ـ عليها السلام ـ مستندا إلى مخاطبة الملائكة لها. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon