﴿ كانا يأكلان الطعام ﴾ هذا تنبيه على سمة الحدوث، وتبعيد عما اعتقدته النصارى فيهما من الإلهية، لأنّ من احتاج إلى الطعام وما يتبعه من العوارض لم يكن إلا جسماً مركباً من عظم ولحم وعروق وأعصاب وأخلاط وغير ذلك، وهو مما يدل على مصنوع مؤلف مدبر كغيره من الأجسام، ولا حاجة تدعو إلى قولهم : كانا يأكلان الطعام كناية عن خروجه، وإن كان قد قاله جماعة من المفسرين، وإنما ذلك تنبيه على سمات الحدوث.
والحاجة إلى التغذي المفتقر إليه الحيوان في قيامه المنزه عنه الإله، قال تعالى :﴿ وهو يطعِم ولا يطعَم ﴾ وإن كان يلزم من الاحتياج إلى أكل الطعام خروجه، فليس مقصوداً من اللفظ مستعاراً له ذلك.
وهذه الجملة استئناف إخبار عن المسيح وأمه منبهة كما ذكرنا على سمات الحدوث، وأنهما مشاركان للناس في ذلك، ولا موضع لهذه من الجملة من الإعراب. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ﴾