قوله تعالى ﴿انظر كَيْفَ نُبَيّنُ لَهُمُ الأيات ثُمَّ انظر أنى يُؤْفَكُونَ﴾
" فصل "
قال الماوردى :
﴿ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآْيَاتِ ﴾ يعني الحجج البراهين.
﴿ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : يعني يصرفون، من قولهم أفكت الأرض إذا صرف عنها المطر.
والثاني : يعني يقلبون، والمؤتفكات : المنقلبات من الرياح وغيرها.
والثالث : يكذبون، من الإفك، وهو الكذب. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال الفخر :
يقال : أفكه يأفكه إفكاً إذا صرفه، والإفك الكذب لأنه صرف عن الحق، وكل مصروف عن الشيء مأفوك عنه، وقد أفكت الأرض إذا صرف عنها المطر، ومعنى قوله ﴿أنى يُؤْفَكُونَ﴾ أنى يصرفون عن الحق، قال أصحابنا : الآية دلت على أنهم مصروفون عن تأمل الحق، والإنسان يمتنع أن يصرف نفسه عن الحق والصدق إلى الباطل والجهل والكذب، لأن العاقل لا يختار لنفسه ذلك، فعلمنا أن الله سبحانه وتعالى هو الذي صرفهم عن ذلك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٥٢﴾
وقال السمرقندى :
﴿ انظر كَيْفَ نُبَيّنُ لَهُمُ الايات ﴾ يعني : العلامات في عيسى ومريم أنهما لو كانا إلهين ما أكلا الطعام، ﴿ ثُمَّ انظر أنى يُؤْفَكُونَ ﴾ يقول : من أين يكذبون بإنكارهم بأني واحد.
وقال القتبي :﴿ أنى يُؤْفَكُونَ ﴾ يعني : أنى يصرفون عن الحق ويعدلون عنه.
يقال : أفك الرجل عن كذا، إذا عدل عنه. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
و﴿ كيف ﴾ في هذه الآية ليست سؤالاً عن حال لكنها عبارة عن حال شأنها أن يسأل عنها بكيف، وهذا كقولك : كن كيف شئت فأنت صديق، و﴿ أنى ﴾ معناها من أي جهة، قال سيبويه معناها كيف ومن أين، و﴿ يؤفكون ﴾ معناه : يصرفون، ومنه قوله عز وجل :﴿ يؤفك عنه من أفك ﴾ [ الذاريات : ٩ ] والأرض المأفوكة التي صرفت عن أن ينالها المطر، والمطر في الحقيقة هو المصروف، ولكن قيل أرض مأفوكة لما كانت مأفوكة عنها. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قال ابن قتيبة: وقوله :﴿ انظر كيف نبيِّن لهم الآيات ﴾ من ألطف ما يكون من الكناية.
و"يؤفكون" يُصرفون عن الحق ويُعدَلون، يقال : أفِك الرجل عن كذا : إِذا عدل عنه، وأرض مأفوكة : محرومة المطر والنبات، كأن ذلك صُرِف عنها وعدل. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾