وقال أبو حيان :
﴿ انظر كيف نبين لهم الآيات ﴾ أي الاعلام من الأدلة الظاهرة على بطلان ما اعتقدوه، وهذا أمر للنبي صلى الله عليه وسلم.
وفي ضمن ذلك الأمر لأمته في ضلال هؤلاء وبعدهم عن قبول ما نبهوا عليه.
﴿ ثم انظر أنى يؤفكون ﴾ كرر الأمر بالنظر لاختلاف المتعلق، لأن الأول : أثر بالنظر في كونه تعالى أوضح لهم الآيات وبينها بحيث لا يقع معها لبس، والأمر الثاني : هو بالنظر في كونهم يصرفون عن استماع الحق وتأمله، أو في كونهم يقلبون ما بين لهم إلى الضد منه، وهذان أمرا تعجيب.
ودخلت ثم لتراخي ما بين العجبين، وكأنه يقتضي العجب من توضيح الآيات وتبيينها، ثم ينظر في حال من بينت له فيرى إعراضهم عن الآيات أعجب من توضيحها، لأنه يلزم من تبيينها تبينها لهم والرجوع إليها، فكونهم أفكوا عنها أعجب. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
و( كيف ) معمول لنبينُ، والجملة في حيز النصب معلِّقة لانظر، أي انظر كيف نبين لهم الآيات الباهرةَ المناديةَ ببطلان ما تقوّلوا عليهما نداءً يكاد يسمعه صمُّ الجبال ﴿ ثُمَّ انظر أنى يُؤْفَكُونَ ﴾ أي كيف يُصرفون عن استماعها والتأمل فيها، والكلام فيه كما فيما قبله، وتكريرُ الأمر بالنظر للمبالغة في التعجيب، و( ثم ) لإظهار ما بين العجبين من التفاوت أي إن بياننا للآيات أمر بديع في بابه بالغٌ لأقاصي الغايات القاصيةِ من التحقيق والإيضاح، وإعراضُهم عنها مع انتفاء ما يصححه بالمرة وتعاضُدِ ما يوجب قبولَها أعجبُ وأبدع. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾