﴿ ثُمَّ انظر أنى يُؤْفَكُونَ ﴾ أي كيف يصرفون عن الإصاخة إليها والتأمل فيها لسوء استعدادهم وخباثة نفوسهم، والكلام فيه كما مر فيما قبله، وتكرير الأمر بالنظر للمبالغة في التعجيب، و﴿ ثُمَّ ﴾ لاظهار ما بين العجبين من التفاوت، أي إن بياننا للآيات أمر بديع في بابه بالغ لأقصى الغايات من التحقيق والإيضاح، وإعراضهم عنها مع انتفاء ما يصححه بالمرة وتعاضد ما يوجب قبولها أعجب وأبدع، ويجوز أن تكون على حقيقتها، والمراد منها بيان استمرار زمان بيان الآيات وامتداده، أي أنهم مع طول زمان ذلك لا يتأثرون، ويؤفكون. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ انظر كيف نبيّن لهم الآيات ﴾ استئناف للتعجيب من حال الّذين ادّعوا الإلهيّة لعيسى.
: والخطاب مراد به غيرُ معيّن، وهو كلّ من سمع الحجج السابقة.
واستُعمل الأمر بالنّظر في الأمر بالعِلم لتشبيه العالم بالرأي والعلمِ بالرؤية في الوضوح والجلاء، وقد تقدّمت نظائره.
وقد أفاد ذلك معنى التعجيب.
ويجوز أن يكون الخطاب للرّسول عليه السّلام.
والمراد هو وأهل القرآن.
و﴿ كيف ﴾ اسم استفهام معلِّق لفعل ﴿ انظر ﴾ عن العمل في مفعولين، وهي في موضع المفعول به ل ﴿ انظر ﴾، والمعنى انظر جواب هذا الاستفهام.
وأريد مع الاستفهام التعجيب كناية، أي انظر ذلك تجد جوابك أنّه بيان عظيم الجلاء يتعجّب النّاظر من وضوحه.