فائدة
قال الشيخ الشنقيطى :
﴿وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (٧١) ﴾
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن بني إسرائيل عموا وصموا مرتين، تتخللهما توبة مِن الله عليهم، وبيَّن تفصيل ذلك في قوله :﴿ وَقَضَيْنَآ إلى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الكتاب لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرض مَرَّتَيْنِ ﴾ [ الإسراء : ٤ ] الآية فبين جزاء عَماهم، وصَمَمهِم في المرة الأولى بقوله :﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ [ الإسراء : ٥ ]، وبين جَزاء عماهم، وصَمَمِهم في المرة الآخرة بقوله ﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ المسجد كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرا ﴾ [ الإسراء : ٧ ]، وبين التوبة التي بينهما بقوله :﴿ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكرة عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ﴾ [ الإسراء : ٦ ]. ثم بين أنهم إن عادوا إلى الإفساد عاد إلى الانتقام منهم بقوله :﴿ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَ ﴾ [ الإسراء : ٨ ] فعادوا إلى الإفساد بتكذيبه ﷺ، وكتم صفاته التي في التوراة، فعاد الله إلى الانتقام منهم، فسلط عليهم نبيه ﷺ فذبح مقاتلة بني قريظة، وسبى نساءهم، وذراريهم وأجلى بني قينقاع، وبني النضير. كما ذكر تعالى طرفاً من ذلك في سورة الحشر، وهذا البيان الذي ذكرنا في هذه الآية ذكره بعض المفسرين، وكثير منهم لم يذكره، ولكن ظاهر القرآن يقتضيه، لأن السياق في ذكر أفعالهم القبيحة الماضية من قتل الرسل وتكذيبهم، إذ قبل الآية المذكورة ﴿ كُلَّمَا جَآءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تهوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُون ﴾ [ المائدة : ٧٠ ].


الصفحة التالية
Icon