قوله تعالى :﴿ فعموا وصموا ﴾ قال الزجاج : هذا مثل تأويله : أنهم لم يعملوا بما سمعوا، ورأوا من الآيات، فصاروا كالعمي الصمّ.
قوله تعالى :﴿ ثم تاب الله عليهم ﴾ فيه قولان.
أحدهما : رفع عنهم البلاء، قاله مقاتل.
وقال غيره : هو ظفرهم بالأعداء، وذلك مذكور في قوله ﴿ ثم رددنا لكم الكرة عليهم ﴾ [ الاسراء : ٦ ].
والثاني : أن معنى "تاب عليهم" : أرسل إِليهم محمداً يعلمهم أن الله قد تاب عليهم إِن آمنوا وصدقوا، قاله الزجاج.
وفي قوله :﴿ ثم عموا وصموا ﴾ قولان.
أحدهما : لم يتوبوا بعد رفع البلاء، قاله مقاتل.
والثاني : لم يؤمنوا بعد بعثة محمد ﷺ، قاله الزجاج.
قوله تعالى :﴿ كثيرٌ منهم ﴾ أي : عمي وصم كثيرٌ منهم، كما تقول : جاءني قومُك أكثرُهم.
قال ابن الأنباري : هذه الآية نزلت في قوم كانوا على الكفر قبل أن يُبعَث رسول الله ﷺ، فلما بعث كذبوه بغياً وحسداً، وقدَّروا أن هذا الفعل لا يكون مُوبقاً لهم، وجانياً عليهم، فقال الله تعالى :﴿ وحسبوا أن لا تكون فتنة ﴾ أي : ظنوا ألا تقع بهم فتنة في الإِصرار على الكفر، فعموا وصموا بمجانبة الحق.
﴿ ثم تاب الله عليهم ﴾ أي : عرَّضهم للتوبة بأن أرسل محمداً ﷺ وإِن لم يتوبوا، ثم عموا وصموا بعد بيان الحق بمحمد، كثيرٌ منهم، فخصّ بعضهم بالفعل الأخير، لأنهم لم يجتمعوا كلهم على خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾