ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ﴾
" وحسب " إن كانت بفتح الحاء وكسر العين فمعناها الظن، وإن كانت بفتح الحاء وفتح السين فبمعنى " عد "، والحسبان هو أن تظن وترجع وجود الشيء. والذين أخذ الله عليهم الله الميثاق وهم - بنو إسرائيل - ظنوا أن تكذيب الرسل وقتلهم لا يكون فتنة. ويعني أنهم لم يعلموا علم اليقين، وقد رجحوا ألا تكون فتنة. والأصل في الفتنة - كما نعرف - هي الاختبار، إما أن ينجح فيه الإنسان وإما ألاّ ينجح. فكيف جاءهم الظن أن هذا ليس اختباراً؟ لقد جاءهم هذا الظن من الخطأ الذي وقعوا فيه عندما قالوا :﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾ [ المائدة : ١٨ ].
والخطأ الذي تمادوا فيه عندما قالوا :﴿ لَن تَمَسَّنَا النار إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً ﴾ [ البقرة : ٨٠ ].
لقد ظنوا أن الحق سيعاقبهم فقط على عبادة العجل ولن يعاقبهم على أي شيء آخر. وكان هذا ظناً خاطئاً. إن المنهج لم يأت لينجي أناساً بذواتهم مهما فعلوا، ولكن المنهج جاء ليحاسب كل إنسان حسب ما عمل. ومن العجيب أنهم ظنوا الظن الخاطئ ولم يقوموا بحساب الأمر بحسابه الصحيح على الرغم من أنهم أهل تفوق في العد والحساب، فالحساب هو الذي يضمن صحة أمر أو يكذبه. ومن العجيب أن من رحمة الحق بالخلق ساعة يؤاخذهم فهو يقول : لك كذا وعليك كذا. لكن ساعة يرزقهم فهو يرزقهم بغير حساب.
ولكنهم لم يلتفتوا إلى ذلك وقال عنهم الحق :﴿ وحسبوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾ أي ظنوا أن ذلك الأمر لا اختبار فيه وأنهم غير محاسبين عليه. ونعرف أن " أَنْ " تنصب الفعل. وقال لي سائل : لقد سمعت قارئ القرآن في المذياع ينطقها ﴿ وحسبوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ ﴾.