وقيل : ليعلم نفي الناصر من باب أولى لأنه إذا لم ينصرهم الجم الغفير، فكيف ينصرهم الواحد منهم؟ا وقيل : إن ذلك جار على زعمهم أن لهم أنصاراً كثيرة، فنفى ذلك تهكماً بهم، واللام إما للعهد والجمع باعتبار معنى ( من ) كما أن إفراد الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها، وإما للجنس وهم يدخلون فيه دخولاً أولياً، ووضعه على الأول : موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بأنهم ظلموا بالإشراك وعدلوا عن طريق الحق، والجملة تذييل مقرر لما قبله، وهو إما من تمام كلام عيسى عليه السلام، وإما وارد من جهته تعالى تأكيداً لمقالته عليه السلام وتقريراً لمضمونها. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾
استئناف ابتدائي لإبطال ما عليه النّصارى، يناسب الانتهاء من إبطال ما عليه اليهود.
وقد مضى القول آنفاً في نظير قوله ﴿ لقد كفر الّذين قالوا إنّ الله هو المسيح ابنُ مريم قل فمن يملك من الله شيئاً ﴾ [ المائدة : ١٧ ] ومَن نُسب إليه هذا القولُ من طوائف النّصارى.
والواو في قوله ﴿ وقال المسيح ﴾ واو الحال.
والجملة حال من ﴿ الّذين قالوا إنّ الله هو المسيح ﴾، أي قالوا ذلك في حال نِداء المسيح لبني إسرائيل بأنّ الله ربّه وربّهم، أي لا شبهة لهم، فهم قالوا : إنّ الله اتّحد بالمسيح ؛ في حال أنّ المسيح الّذي يزعمون أنهم آمنوا به والّذي نسبوه إليه قد كذّبهم، لأنّ قوله :﴿ ربّي وربّكم ﴾، يناقض قولهم :﴿ إنّ الله هو المسيح ﴾، لأنّه لا يكون إلاّ مربُوباً، وذلك مفاد قوله :﴿ ربّي ﴾، ولأنّه لا يكون مع الله إله آخر، وذلك مفاد قوله ﴿ وربَّكم ﴾، ولذلك عُقّب بجملة ﴿ إنّه مَن يشرك بالله فقَد حرّم الله عليه الجنَّة ﴾.
فيجوز أن تكون هذه الجملة حكاية لكلام صدر من عيسى عليه السّلام فتكون تعليلاً للأمر بعبادة الله.