وفيه للعرب مذهب آخر ؛ يقولون : رابع ثلاثة ؛ فعلى هذا يجوز الجر والنصب ؛ لأن معناه الذي صير الثلاثة أربعة بكونه منهم.
وكذلك إذا قلت : ثالث اثنين ؛ جاز التنوين.
وهذا قول فرق النصارى من المَلْكِية والنُّسْطُورِيّة واليعقوبية ؛ لأنهم يقولون أب وابن وروح القدس إله واحد ؛ " ولا يقولون ثلاثة آلهة وهو معنى مذهبهم، وإنما يمتنعون من العبارة وهي لازمة لهم.
وما كان هكذا صح أن يحكى بالعبارة اللازمة ؛ وذلك أنهم يقولون : إن الابن إله والأب إله وروح القدس إله.
وقد تقدّم القول في هذا في "النساء" فأكفرهم الله بقولهم هذا، وقال :﴿ وَمَا مِنْ إله إِلاَّ إله وَاحِدٌ ﴾ أي أنّ الإله لا يتعدد وهم يلزمهم القول بثلاثة آلهة كما تقدم، وإن لم يصرحوا بذلك لفظاً ؛ وقد مضى في "البقرة" معنى الواحد.
و"مِن" زائدة.
ويجوز في غير القرآن "إلهاً واحداً" على الإستثناء.
وأجاز الكسائي الخفض على البدل.
قوله تعالى :﴿ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ ﴾ أي يكفّوا عن القول بالتثليث ليمسنهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة.
"أَفَلاَ يَتُوبُونَ" تقرير وتوبيخ، أي فليتوبوا إليه وليسألوه ستر ذنوبهم ؛ والمراد الكفرة منهم.
وإنما خص الكفرة بالذكر لأنهم القائلون بذلك دون المؤمنين. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon