وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ ولو كانوا يؤمنون بالله والنّبيء ﴾ إلخ الواو للحال من قوله :﴿ ترى كثيراً منهم ﴾ باعتبار كون المراد بهم المتظاهرين بالإسلام بقرينة ما تقدّم، فالمعنى : ولو كانوا يؤمنون إيماناً صادقاً ما تّخذوا المشركين أولياء.
والمراد بالنّبيء محمّد ﷺ وبما أنزل إليه القرآن، وذلك لأنّ النّبيء نهَى المؤمنين عن موالاة المشركين، والقرآن نهى عن ذلك في غير ما آية.
وقد تقدّم في قوله :﴿ لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ﴾ [ آل عمران : ٢٨ ].
وقد جعل موالاتهم للمشركين علامة على عدم إيمانهم بطريقة القياس الاستثنائي، لأنّ المشركين أعداء الرّسول فموالاتهم لهم علامة على عدم الإيمان به.
وقد تقدّم ذلك في سورة آل عمران.
وقوله :﴿ ولكنّ كثيراً منهم فاسقون ﴾ هو استثناء القياس، أي ولكنّ كثيراً من بني إسرائيل ﴿ فاسقون ﴾.
فالضمير عائد إلى ما عاد إليه ضمير ﴿ ترى كثيراً منهم ﴾ و﴿ فاسقون ﴾ كافرون، فلا عَجَب في موالاتهم المشركين لاتّحادهم في مناواة الإسلام.
فالمراد بالكثير في قوله :﴿ ولكنّ كثيراً منهم فاسقون ﴾ عين المراد من قوله ﴿ ترى كثيراً منهم يتولّون الّذين كفروا ﴾ فقد أعيدت النكرة نكرة وهي عين الأولى إذ ليس يلزم إعادتها معرفة.
ألا ترى قوله تعالى :﴿ فإنّ مع العسر يسراً إنّ مع العسر يسراً ﴾ [ الشرح : ٥، ٦ ].
وليس ضمير ﴿ منهم ﴾ عائداً إلى ﴿ كثيراً ﴾ إذ ليس المراد أنّ الكثير من الكثير فاسقون بل المراد كلّهم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon