وقال الآلوسى :
﴿ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ ﴾ وهم أسلافهم وأئمتهم الذين قد ضلوا من الفريقين أو من النصارى قبل مبعث النبي ﷺ في شريعتهم، والأهواء جمع هوى وهو الباطل الموافق للنفس، والمراد لا توافقوهم في مذاهبهم الباطلة التي لم يدع إليها سوى الشهوة ولم تقم عليها حجة ﴿ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً ﴾ أي أناساً كثيراً ممن تابعهم ووافقهم فيما دعوا إليه من البدعة والضلالة، أو إضلالاً كثيراً، والمفعول به حينئذٍ محذوف ﴿ وَضَلُّواْ ﴾ عند بعثة النبي ﷺ ووضوح محجة الحق وتبين مناهج الإسلام ﴿ عَن سَوَاء السبيل ﴾ أي قصد السبيل الذي هو الإسلام، وذلك حين حسدوا النبي ﷺ، وكذبوه وبغوا عليه، فلا تكرار بين ﴿ ضَلُّواْ ﴾ هنا و﴿ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ ﴾، والظاهر أن ﴿ عَنْ ﴾ متعلقة بالأخير، وجوز أن تكون متعلقة بالأفعال الثلاثة، ويراد بسواء السبيل الطريق الحق، وهو بالنظر إلى الأخير دين الإسلام، وقيل : في الإخراج عن التكرار أن الأول : إشارة إلى ضلالهم عن مقتضى العقل، والثاني : إلى ضلالهم عما جاء به الشرع، وقيل : إن ضمير ﴿ ضَلُّواْ ﴾ الأخير عائد على الكثير لا على ﴿ قَوْمٌ ﴾ والفعل مطاوع للإضلال، أي إن أولئك القوم أضلوا كثيراً من الناس، وأن أولئك الكثير قد ضلوا بإضلال أولئك هم فلا تكرار، وقيل : أيضاً قد يراد بالضلال الأول الضلال بالغلو في الرفع والوضع مثلاً وكذا بالإضلال، ويراد بالضلال عن سواء السبيل الضلال عن واضحات دينهم وخروجهم عنه بالكلية، وقال الزجاج : المراد بالضلال الأخير ضلالهم في الإضلال أي إن هؤلاء ضلوا في أنفسهم وضلوا بإضلالهم لغيرهم كقوله تعالى :﴿ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [ النحل : ٢٥ ]، ونقل هذا كالقيل الأول عن الراغب، وجوز أيضاً