ولمسلم عن ابن مسعود ؛ أن رسول الله ﷺ قال :< هلك المتنطّعون > ! قالها ثلاثاً. ثم نهاهم تعالى عن اتباع سلفهم وأئمتهم الضالين بقوله سبحانه :
﴿ وَلا تَتَّبِعُوا ﴾ قال المهايمي : أي : تقليداً :﴿ أَهْوَاءَ قَوْمٍ ﴾ تمسّكوا بخوارقهما على إلهيتهما. فإن نظروا إلى سبقهم فغايتهم أنهم :﴿ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ ﴾ إلى كثرة أتباعهم فغايتهم أنهم :﴿ أَضَلُّوا كَثِيراً ﴾ ممن شايعهم على التثليث :﴿ وَ ﴾ إلى تمسّكهم بمتشابهات الإنجيل، فغايتهم أنهم :﴿ ضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ إذْ لم يردّوها إلى المحكمات.
تنبيهات :
الأول : قال الرازي :
الهواء -ههنا - المذاهب التي تدعو إليها الشهوة دون الحجّة. قال الشعبي : ما ذكر الله لفظ الهوى في القرآن إلاّ ذمّه. قال :﴿ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه ﴾ [ ص : ٢٦ ] ﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ﴾ [ طه : ١٦ ] ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [ النجم : ٣ ] ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾ [ الفرقان : ٤٣ ]. قال أبو عبيدة : لم نجد الهوى يوضع إلاّ في موضع الشر. لا يقال فلان يهوى الخير. إنما يقال : يريد الخير ويحبه. وقال بعضهم : الهوى إله يعبد من دون الله. وقيل : سميّ الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه في النار.
وأنشد في ذم الهوى :
~إنّ الهوى لهو الهَوانُ بعينه فإذا هويتَ فقد لقيتَ هواناً
وقال رجل لابن عباس : الحمد لله الذي جعل هواي على هواك، فقال ابن عباس : كل الهوى ضلالة.


الصفحة التالية
Icon