فلو كان المنضمان غير متفرّقين اختير لفظ الجمع على لفظ التثنية وعلى الإفراد نحو قوله :﴿ فقد صغت قلوبكما ﴾ والمراد باللسان هنا الجارحة لا اللغة، أي الناطق بلعنتهم هو داود وعيسى.
﴿ ذلك بما عصوا ﴾ أي ذلك اللعن كان بسبب عصيانهم، وذكر هذا على سبيل التوكيد، وإلا فقد فهم سبب اللعنة بإسنادها إلى من تعلق به الوصف الدال على العلية، وهو الذين كفروا.
كما تقول : رجم الزاني، فيعلم أنّ سببه الزنا.
كذلك اللعن سببه الكفر، ولكن أكد بذكره ثانية في قوله : ذلك بما عصوا.
﴿ وكانوا يعتدون ﴾ يحتمل أن يكون معطوفاً على عصوا، فيتقدر بالمصدر أي : وبكونهم يعتدون، يتجاوزون الحد في العصيان والكفر، وينتهون إلى أقصى غاياته.
ويحتمل أن يكون استئناف إخبار من الله بأنه كان شأنهم وأمرهم الاعتداء، ويقوي هذا ما جاء بعده كالشرح وهو قوله :﴿ كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ﴾. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ﴾