ولما أطلق لهم ذلك، حثهم على الاقتصاد، وحذرهم من مجاوزة الحد إفراطاً وتفريطاً فقال :﴿ولا تعتدوا﴾ فدل بصيغة الافتعال على أن الفطرة الأولى مبنية على العدل، فعدولها عنه لا يكون إلا بتكلف، ثم علل ذلك بقوله مؤكداً لاستبعاد أن ينهى عن الإمعان في العبادة :﴿إن الله﴾ أي وهو الملك الأعظم ﴿لا يحب المعتدين﴾ أي لا يفعل فعل المحب من الإكرام للمفرطين في الورع بحيث يحرمون ما أحللت، ولا للمفرطين فيه الذين يحللون ما حرمت، أي يفعلون فعل المحرم من المنع وفعل المحلل من التناول، وما ذكر من سبب نزول الآية واضح في ذلك ؛ روى الواحدي في أسباب النزول بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن رجلاً أتى رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله! إني إذا أكلت من هذا اللحم انتشرت إلى النساء وإني حرمت عليّ اللحم، فنزلت :﴿لا تحرموا ما أحل الله لكم﴾ ونزلت :﴿وكلوا مما رزقكم الله ﴾[ المائدة : ٨٨ ] ".
وأخرجه الترمذي في التفسير من جامعه وقال : حسن غريب، ورواه خالد الحذاء عن عكرمة مرسلاً.


الصفحة التالية