قوله ﴿حلالا طَيّباً﴾ يحتمل أن يكون متعلقاً بالأكل، وأن يكون متعلقاً بالمأكول، فعلى الأول يكون التقدير : كلوا حلالاً طيباً مما رزقكم الله، وعلى التقدير الثاني : كلوا من الرزق الذي يكون حلالاً طيباً، أما على التقدير الأول فإنه حجة المعتزلة على أن الرزق لا يكون إلا حلالاً، وذلك لأن الآية على هذا التقدير دالة على الإذن في أكل كل ما رزق الله تعالى وإنما يأذن الله تعالى في أكل الحلال، فيلزم أن يكون كل ما كان رزقاً كان حلالاً، وأما على التقدير الثاني فإنه حجة لأصحابنا على أن الرزق قد يكون حراماً لأنه تعالى خصص إذن الأكل بالرزق الذي يكون حلالاً طيباً ولولا أن الرزق قد لا يكون حلالاً وإلا لم يكن لهذا التخصيص والتقييد فائدة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٦١﴾
قال الثعلبى :
﴿ وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله حَلاَلاً طَيِّباً ﴾
قال عبد اللّه بن المبارك : الحلال ماأخذته من وجهه والطيب ما غذا ونما فأما الجوامد والطين والتراب، وما لا يغذي فمتروك إلاّ على جهة للتداوي ﴿ واتقوا الله الذي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾.
روي عن عائشة وأبي موسى الأشعري " أن النبي ( عليه السلام ) كان يأكل الفالوذج والدجاج وكان يعجبه الحلواء والعسل وقال :" إن المؤمن حلو يحب الحلاوة " وقال :" في بطن المؤمن زاوية لا يملأها إلاّ الحلواء ".
وروي أن الحسن كان يأكل الفالوذج فدخل عليه فرقد السبخي فقال : يا فرقد ما تقول في هذا؟ فقال فرقد : لا آكله فلا أحب أكله فأقبل الحسن على غيره كالمتعجب وقال : يا هذا أتحب لباب البر مع سمن البقر؟ هل يعيبه مسلم.
وجاء رجل إلى الحسن فقال : إن لي جار لا يأكل الفالوذ، قال : ولم؟ قال : يقول : لا يروي شكره. قال الحسن : ويشرب الماء البارد؟ قال : نعم، قال : جارك جاهل إن نعمة اللّه عليه في الماء البارد أكثر من نعمته عليه في الفالوذ. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
وقال القرطبى :


الصفحة التالية
Icon