ولما كان قد نفى الجناح أصلاً ورأساً، شرط الإحسان فقال :﴿ثم اتقوا وأحسنوا﴾ أي لازموا التقوى إلى أن أوصلتهم إلى مقام المراقبة، وهي الغنى عن رؤية غير الله، فأفهم ذلك أن من لم يبلغ رتبة الإحسان لا يمتنع أن يكون عليه جناح مع التقوى والإيمان، يكفر عنه بالبلايا والمصائب حتى ينال ما قدر له مما لم يبلغه عمله من درجات الجنان، ومما يدل على نفاسة التقوى وعزتها أنه سبحانه لما شرطها في هذا العموم، حث عليها عند ذكر المأكل بالخصوص - كما مضى فقال " واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون "، وهذا في غاية الحث على التورع في المأكل والمشرب وإشارة إلى أنه لا يوصل إلى مقام الإحسان إلا به - والله الموفق ؛ ولما كان التقدير : فإن الله يحب المتقين المؤمنين، عطف عليه قوله :﴿والله﴾ أي الذي له صفات الكمال ﴿يحب المحسنين ﴾. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٥٣٨ ـ ٥٣٩﴾

فصل


قال الفخر :
روي أنه لما نزلت آية تحريم الخمر قالت الصحابة : إن إخواننا كانوا قد شربوا الخمر يوم أحد ثم قتلوا فكيف حالهم، فنزلت هذه الآية والمعنى : لا إثم عليهم في ذلك لأنهم شربوها حال ما كانت محللة، وهذه الآية مشابهة لقوله تعالى في نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ﴿وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إيمانكم﴾ [ البقرة : ١٤٣ ] أي إنكم حين استقبلتم بيت المقدس فقد استقبلتموه بأمري فلا أضيع ذلك، كما قال :﴿فاستجاب لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ مّن ذَكَرٍ وأنثى﴾ [ آل عمران : ١٩٥ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٦٩﴾
فائدة
قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon