الطعام في الأغلب من اللغة خلاف الشراب، فكذلك يجب أن يكون الطُّعْمُ خلاف الشرب، إلا أن اسم الطعام قد يقع على المشروبات، كما قال تعالى :﴿وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنّى﴾ [ البقرة : ٢٤٩ ] وعلى هذا يجوز أن يكون قوله ﴿جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ﴾ أي شربوا الخمر، ويجوز أن يكون معنى الطُّعْمُ راجعاً إلى التلذذ بما يؤكل ويشرب، وقد تقول العرب : تطعم تطعم أي ذق حتى تشتهي وإذا كان معنى الكلمة راجعاً إلى الذوق صلح للمأكول والمشروب معاً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٧٠﴾

فصل


قال الفخر :
زعم بعض الجهال أنه تعالى لما بيّن في الخمر أنها محرّمة عندما تكون موقعة للعداوة والبغضاء وصادة عن ذكر الله وعن الصلاة، بيّن في هذه الآية أنه لا جناح على من طعمها إذا لم يحصل معه شيء من تلك المفاسد، بل حصل معه أنواع المصالح من الطاعة والتقوى، والإحسان إلى الخلق.
قالوا : ولا يمكن حمله على أحوال من شرب الخمر قبل نزول آية التحريم، لأنه لو كان المراد ذلك لقال : ما كان جناح على الذين طعموا، كما ذكر مثل ذلك في آية تحويل القبلة فقال ﴿وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إيمانكم﴾ [ البقرة : ١٤٣ ] ولكنه لم يقل ذلك، بل قال :﴿لَيْسَ عَلَى الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جُنَاحٌ﴾ إلى قوله ﴿إذا ما اتقوا وآمنوا﴾ ولا شك أن إذا للمستقبل لا للماضي.
واعلم أن هذا القول مردود بإجماع كل الأمة وقولهم : إن كلمة إذا للمستقبل لا للماضي.
فجوابه ما روى أبو بكر الأصم : أنه لما نزل تحريم الخمر، قال أبو بكر : يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وقد شربوا الخمر وفعلوا القمار وكيف بالغائبين عنا في البلدان لا يشعرون أن الله حرّم الخمر وهم يطعمونها، فأنزل الله هذه الآيات، وعلى هذا التقدير فالحل قد ثبت في الزمان المستقبل عن وقت نزول هذه الآية لكن في حق الغائبين الذين لم يبلغهم هذا النص. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٧٠﴾

فصل



الصفحة التالية
Icon