قال الفخر :
إنه تعالى شرط لنفي الجناح حصول التقوى والإيمان مرتين وفي المرة الثالثة حصول التقوى والإحسان واختلفوا في تفسير هذه المراتب الثلاث على وجوه قال الأكثرون : الأول : عمل الاتقاء، والثاني : دوام الاتقاء والثبات عليه، والثالث : اتقاء ظلم العباد مع ضم الإحسان إليه.
القول الثاني : أن الأول اتقاء جميع المعاصي قبل نزول هذه الآية، والثاني : اتقاء الخمر والميسر وما في هذه الآية.
الثالث : اتقاء ما يحدث تحريمه بعد هذه الآية وهذا قول الأصم، القول الثالث : اتقاء الكفر ثم الكبائر ثم الصغائر، القول الرابع : ما ذكره القفال رحمه الله تعالى قال : التقوى الأولى عبارة عن الاتقاء من القدح في صحة النسخ وذلك لأن اليهود يقولون النسخ يدل على البداء فأوجب على المؤمنين عند سماع تحريم الخمر بعد أن كانت مباحة أن يتقوا عن هذه الشبهة الفاسدة والتقوى الثانية الإتيان بالعمل المطابق لهذه الآية وهي الاحتراز عن شرب الخمر والتقوى الثالثة عبارة عن المداومة على التقوى المذكورة في الأولى والثانية ثم يضم إلى هذه التقوى الإحسان إلى الخلق.
والقول الخامس : أن المقصود من هذا التكرير التأكيد والمبالغة في الحث على الإيمان والتقوى.
فإن قيل : لم شرط رفع الجناح عن تناول المطعومات بشرط الإيمان والتقوى مع أن المعلوم أن من لم يؤمن ومن لم يتق ثم تناول شيئاً من المباحات فإنه لا جناح عليه في ذلك التناول، بل عليه جناح في ترك الإيمان وفي ترك التقوى، إلا أن ذلك لا تعلق له بتناول ذلك المباح فذكر هذا الشرط في هذا المعرض غير جائز.