ومن فوائد ابن الجوزى فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى :﴿ ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ﴾ سبب نزولها : أن ناساً من أصحاب النبي ﷺ ماتوا وهم يشربون الخمر، إِذ كانت مباحة، فلما حرِّمت، قال ناس : كيف بأصحابنا وقد ماتوا وهم يشربونها؟ فنزلت هذه الآية، قاله البراء بن عازب.
و"الجناح" : الإِثم.
وفيما طعموا ثلاثة أقوال.
أحدها : ما شربوا من الخمر قبل تحريمها، قاله ابن عباس، والجمهور.
قال ابن قتيبة : يقال : لم أطعم خُبْزاً وأدماً ولا ماءً ولا نوماً.
قال الشاعر :
فإن شئتِ حرَّمتُ النِّساء سِواكُم...
وإِن شئتِ لم أطْعَمْ نُقَاخاً ولا بَرْدَا
النقاخ : الماء [ البارد ] الذي ينقخ الفؤاد ببرده، والبرد : النوم.
والثاني : ما شربوا من الخمر وأكلوا من الميسر.
والثالث : ما طعموا من المباحات.
وفي قوله :﴿ إِذا ما اتقوا ﴾ ثلاثة أقوال.
أحدها : اتقوا بعد التحريم، قاله ابن عباس.
والثاني : اتقوا المعاصي والشرك.
والثالث : اتقوا مخالفة الله في أمره.
وفي قوله :﴿ وآمنوا ﴾ قولان.
أحدهما : آمنوا بالله ورسوله.
والثاني : آمنوا بتحريمها.
﴿ وعملوا الصالحات ﴾ قال مقاتل : أقاموا على الفرائض.
قوله تعالى :﴿ ثم أتقوا ﴾ في هذه التقوى المعادة أربعة أقوال.
أحدها : أن المراد خوف الله عز وجل.
والثاني : أنها تقوى الخمر والميسر بعد التحريم.
والثالث : أنها الدوام على التقوى.
والرابع : أن التقوى الأولى مخاطبة لمن شربها قبل التحريم، والثانية لمن شربها بعد التحريم.
قوله تعالى :﴿ وآمنوا ﴾ في هذا الإِيمان المُعاد قولان.
أحدهما : صدَّقوا بجميع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
والثاني : آمنوا بما يجيء من الناسخ والمنسوخ.
قوله تعالى :﴿ ثم اتقوا وأحسنوا ﴾ في هذه التقوى الثالثة أربعة أقوال.
أحدها : اجتنبوا العودَ إِلى الخمر بعد تحريمها، قاله ابن عباس.