وهي حالة ابتلاء وتمحيص، يَظهر بها في الوجود اختلاف تمسّكهم بوصايا الله تعالى، وهي حالة لم تقع وقت نزول هذه الآية، لأنّ قوله ﴿ ليبلونّكم ﴾ ظاهر في الاستقبال، لأنّ نون التوكيد لا تدخل على المضارع في جواب القسم إلاّ وهو بمعنى المستقبل.
والظاهر أنّ حكم إصابة الصيد في حالة الإحرام أو في أرض الحرم لم يكن مقرّراً بمثل هذا.
وقد روي عن مقاتل : أنّ المسلمين في عمرة الحديبية غشيَهم صيد كثير في طريقهم، فصار يترامى على رحالهم وخيامهم، فمنهم المُحِلّ ومنهم المُحرِم، وكانوا يقدرون على أخذه بالأيدي، وصيد بعضه بالرماح.
ولم يكونوا رأوا الصيد كذلك قط، فاختلفت أحوالهم في الإقدَام على إمساكه.
فمنهم من أخذ بيده وطعن برمحه.
فنزلت هذه الآية أ هـ
فلعلّ هذه الآية ألحقت بسورة المائدة إلحاقاً، لتكون تذكرة لهم في عام حجّة الوداع ليحذروا مثلَ ما حلّ بهم يوم الحديبية.
وكانوا في حجّة الوداع أحْوج إلى التحذير والبيان، لكثرة عدد المسلمين عام حجّة الوداع وكثرة من فيهم من الأعراب، فذلك يبيّن معنى قوله ﴿ تناله أيديكم ورماحكم ﴾ لإشعار قوله ﴿ تناله ﴾ بأنّ ذلك في مكنتهم وبسهولة الأخذ. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٥ صـ ﴾
فصل
قال الفخر :
قال مقاتل بن حيّان : ابتلاهم الله بالصيد وهم محرمون عام الحديبية حتى كانت الوحش والطير تغشاهم في رحالهم، فيقدرون على أخذها بالأيدي، وصيدها بالرماح، وما رأوا مثل ذلك قط، فنهاهم الله عنها ابتلاءً.
قال الواحدي : الذي تناله الأيدي من الصيد، الفراخ والبيض وصغار الوحش، والذي تناله الرماح الكبار، وقال بعضهم : هذا غير جائز، لأن الصيد اسم للمتوحش الممتنع دون ما لم يمتنع. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ٧١﴾