قال الآلوسى :
﴿ يا أيها الذين ءامَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ الله ﴾ جواب قسم محذوف أي والله ليعاملنكم معاملة من يختبركم ليتعرف حالكم ﴿ بِشَىْء مّنَ الصيد ﴾ أي مصيد البر كما قال الكلبي مأكولاً كان أو غير ماكول ما عدا المستثنيات كما سيأتي إن شاء الله تعالى فاللام للعهد.
والآية كما أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل نزلت في عمرة الحديبية حيث ابتلاهم الله تعالى بالصيد وهم محرمون فكانت الوحوش تغشاهم في رحالهم وكانوا متمكنين من صيدها أخذاً بأيديهم وطعناً برماحهم وذلك قوله تعالى :﴿ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ ورماحكم ﴾ فهموا بأخذها فنزلت.
وعن ابن عباس ومجاهد وهو المروي عن أبي جعفر رضي الله تعالى عنه أن الذي تناله الأيدي فراخ الطير وصغار الوحش والبيض والذي تناله الرماح الكبار من الصيد.
واختار الجبائي أن المراد بما تناله الأيدي والرماح صيد الحرم مطلقاً لأنه كيفما كان يأنس بالناس ولا ينفر منهم كما ينفر في الحل، وقيل : ما تناله الأيدي ما يتأتى ذبحه وما تناله الرماح ما لا يتأتى ذبحه، وقيل : المراد بذلك ما قرب وما بعد، وذكر ابن عطية أن الظاهر أنه سبحانه خص الأيدي بالذكر لأنها أعظم تصرفاً في الاصطياد وفيها يدخل الجوارح والحبالات وما عمل بالأيدي من فخاخ وأشباك.
وخص الرماح بالذكر لأنها أعظم ما يجرح به الصيد ويدخل فيها السهم ونحوه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
الخطاب للمؤمنين، وهو مجمل بيّنه قوله عقبه ﴿ يا أيّها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾ [ المائدة : ٩٥ ].
قال أبو بكر بن العربي : اختلف العلماء في المخاطب بهذه الآية على قولين : أحدهما : أنّهم المحلّون، قاله مالك، الثاني : أنّهم المحرمون، قاله ابن عباس وغيره أ هـ.
وقال في "القبس" : تَوهّم بعض الناس أنّ المراد بالآية تحريم الصيد في حال الإحرام، وهذه عُضْلة، إنّما المراد به الابتلاء في حالتي الحلّ والحرمة أ هـ.